اقرأ رسالة الصحفي #حسن_القباني لزوجته في عيد ميلادهما

حسن القباني من خلف القفص الزجاجي في ساحة العدالة المفقودة شوال - يوليو 2017 الشهر السادس بعد انقضاء مدة الحبس الاحتياطي

كل سنة وأنتي طيبة يا حبيبة

الحب هو الحياة ، وهو هواء الأحياء ، وقسمة العدل بين دروب الحب هي سبيل النجاح ، و كانت حيرتي في ذلك فالصراع على أشده بين قسمة العمل الصحفي – وما أدراك ما هو بعد ثورة وانقلاب عليها – وقسمة البيت – وما أدراك ما البيت في ظلال ود زوجة وبنتين يتعلم الحب منهم الحب ، وبين هنا وهناك و قسمات حب الوطن والحق والواجب فجاءني السجن بقدره على حين غره ليعلمني قيمة الحب وعلامة وجوده في الحياة ويمدني بمزيد من التأمل في جماله وجمالياته وأسراره في وطن بات يعيش الأن على رائحة الموت وأصوات الكراهية.

لم أكن أجد وقتاً كافياً كما معظم الصحفيين وأرباب العمل العام لرعاية حبي والعناية به وإعطائه كامل حقه ، وكانت مشاعري مشتتة بين البيت والعمل والوطن ووجبات الضمير، أريد أن أرضيهم جميعاً ولا أستطيع العدل بينهم ، حيث وجدت نفسي أثناء تأملاتي في السجن أني كنت جائراً على نصيب آل قلبي ، حتى أن دهشة ودودة علت وجه زوجتي وحبيبتي من كم المشاعر المغرمة التى افتقَدَت كثيراً منها وأنا في سعة الحرية وسمِعتها منى ترانيماً من ترانيم وأنا في ضيق السجن – ليس أي سجن بل أسوء سجون مصر- سجن العقرب الذى يُعاقِب ضمن إجراءات برنامجه للتعذيب الممنهج على التمسك بالحب في أتون الكرب المتصاعد ، ولهذا فإن استغراقي في حب عملي الصحفي الذى أؤدية بكل تميز وصدق كان السبب في محنتي،هكذا قال لي مسئول أمني كبير:- ” مشكلتك إنك شاطر ” ، كما أفنيت ما تقدم من عمري في حب وطني من المدرسة إلى الجامعة إلى الجيش وصولاً لميدان الصحافة والعمل النقابي والثوري حتى جاء بي هنا خلف أسوء أسوار ، رهينة خارج إطار القانون ، كما أخذ حب الحق والدفاع عن القيم والمبادئ مني حظاً كبيراً , أعطيته ولم آخذ ودعمته وأجري عند ربي ورغم الكرب ما زالت هذه الدروب من الحب في قلبي مفعمة يتقدمها حب القلب الذى هضمت حقه كثيراً.

ومن فضل ربي علي أن كانت إجابة أبنتي “همس” ذات السنوات الست التى ولدت ونمت في ظل انشغالي الكبير بالصحافة عندما سئلتها عن رأيها في سبب محنة أبيها فقالت بعفوية بليغة مؤثرة ” علشان بتحب مصر يا بابا ” وأنشدت مع أختها الأصغر ” هيا ” تحية لي مقدمة النشيد الوطني بلادي بلادي ، فدمعت عيني وفرحت والدتها البطلة.

لهذا عاقبني – فريق 3 /7 – ولا زال ومعي كل رهائن الديمقراطية والحرية وطلائع التغيير على الحب ، حب الوطن ، حب الديمقراطية والعدل والحرية ، حب سيادة القانون وإرادة الشعب ، وحب الصحافة الحرة الصادقة والنجاح الشريف ، وحب المستقبل الأفضل لآل قلبي ، وبرغم ذلك أمدني الفراق القسري أنهار من حب فرات باركت حبي بحب ، فزادت عشقي عشقاً ، ومنحت غرامي النماء والخلود ، وإن كنت قد حرمت قبل أيام من تبادل التهئنة مع زوجتي بعيد ميلادنا الذى يتزامن في يومين متتالين اعتدنا على الاحتفال بهما في يوم واحد.

وحرمت كذلك من مصافحتها وبنتاي رغم أن إحدي بناتي خرجت لتوها من إجراء عملية جراحية لأن الزيارة عندنا في سجن العقرب وبعد أربعة شهور من الغلق لم تكن سوى سبعة دقائق بالظبط وبدون سلام ومن خلف الزجاج عبر هاتف عتيق ، ووصل العقاب إلى الحرمان من المشاعر الإنسانية أو تبادل عبارات الحب والوداد وهو ما لن أنساه أبداً حتى وإن تدخلت نقابة الصحفيين كما وددت لوقف مثل هذه الجرائم وغيرها وإن أعتذر المعتذرون وتعللوا بالتعليمات مجهولة النسب.

إن نظاماً قام على قواعد الكراهية لن يستمر أبداً ، وأيامه إن كثرت فهي قليلة ، لأن الحب أبقى وأقوى ، وإن أي إجراءات دبرت لتؤد الحب – كل الحب – في قلوب الأحرار مصيرها الفناء ، لأن حبنا متصل بالسماء وعصي على الإنكسار .
تداخل الخاص مع العام في وطن تعقدت فيه كافة الخطوط وتضخمت فيه الأزمات ولا يسعني في الختام إلا أن أتقدم لزوجتي ” آية علاء ” التى أنا لها مدين بالكثير بأرق الكلامات المعطرة بأجمل العطور محاطة بأجمل الورود والأزاهير بمناسبة عيد ميلادها الحبيب ، وما منعه السجن لن يمنعه القلم المتيم بغرامها ، وأعتذر لابنتاي الحبيبتان عن عدم مبادلتهما الأحضان والسلامات والقبلات ، وأعدهما بوقت أرحب في ظلال حبي بعد زوال النكبة عن مصر.

كل سنة وأنتي عظيمة يا رفيقة العمر والدرب والنضال
كل سنة وأنتي طيبة يا حبي
كل سنة وأنتى غالية يا حبيبة قلبي
وللنجمتين تحية
فالحب لا يُمنع ونهره لا يجف
وعيد ميلاد سعيد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

إغلاق