التقرير السنوي حصاد عام 2017 .. الحجب الخشن والتأميم الناعم

مر العام 2017 ثقيلا جدا على الصحفيين والاعلاميين والمواطنين الصحفيين في مصر، عمل فيه النظام الحاكم على تكميم المنابر الاعلامية وحجب الاراء وفتح المعتقلات لحملة الاقلام والكاميرات، واهدار كافة الحقوق القانونية المقررة لمعتقلي الصحافة والاعلام خلف الاسوار بشكل يخالف كل المواثيق الدولية التي وقعت عليها الدولة المصرية.

ويمكن أن يوصف العام 2017 بأنه عام التأميم الناعم للقنوات الفضائية الخاصة، وأنه عام حجب المواقع، وعام الأحكام القاسية بحق الإعلاميين والصحفيين، وسط استمرار ملاحقتهم قضائيا وأمنيا، واستخدام القضاء العسكري في الملاحقة، وضم الكثيرين منهم لقوائم الإرهاب عقابا لهم على مواقفهم السياسية المعارضة للنظام الحالي، في تأكيد واضح علي ارساء منظومة إعلام الصوت الواحد التي سادت في ستينات القرن الماضي وذاقت مصر بسببها الويلات.

وقد أمكن تسجل 1058 انتهاكا لحرية الإعلام في مصر خلال العام المنصرم، نصفها تقريبا يرتبط بحجب المواقع وتجميد أو مصادرة ممتلكات بعضها( 466 موقعا)، كما شملت أيضا حبس وإحتجاز أعداد كبيرة من الصحفيين والمصورين،(62 حالة احتجاز مؤقت أو ممتد) استمر 29 منهم في السجن منذ احتجازهم خلال شهور السنة حتى صدور هذا التقرير لينضموا إلى من سبقوهم إلى السجون في الأعوام الأربعة الماضية، وفي الوقت نفسه تم خلال العام الإفراج عن 25 صحفي ممن قضوا فترات طويلة في الحبس ( بين شهور وسنوات) سواء بقرارات حبس احتياطي أو بأحكام محاكم مدنية أو عسكرية ليصل عدد السجناء بنهاية العام إلى 106 محتجزا (صحفيين ومراسلين ومصورين ميدانيين ومتدربين) ما بين حبس حكمي أو حبس إحتياطي وكان من أبرز المحبوسين خلال العام أحمد أبوزيد الطنوبي الصحفي والباحث بالمرصد العربي لحرية لإعلام ، وأحمد عبد العزيز وحسام السويفي وبدر محمد بدر وأحمد زهران ومحمود خليل وإسلام عبد العزيز وعبد الله قدري وسعيد حشاد والسيد طه إبراهيم.

بينما كان أبرز الخارجين من السجون كل من هاني صلاح الدين وحسن القباني وأحمد سبيع ومسعد البربري ووليد شلبي ومحمود مصطفى سعد ومحمد صابر البطاوي وعبده دسوقي وأحمد أبو دراع وأحمد فؤاد، ومصعب حامد وعبد الرحمن ياقوت وحمدي عبد العزيز ومحمد عبد المنعم ، وذلك سواء بانتهاء العقوبة القضائية أو انتهاء الحبس الاحتياطي أو ضمن قرارات عفو أو بتدابير احترازية سالبة لجزء من الحرية.

وبعيدا عن حجب المواقع وتأميم القنوات جاءت الانتهاكات المتعلقة بالبلاغات والمحاكمات في الصدارة بواقع 120 انتهاكا خلال العام، تلاها الحبس والاحتجاز (62)  والاعتداءات البدنية 61 حالة ( والتي كان أبرزها الإعتداء على الكاتب الصحفي سليمان الحكيم وهدم واجهة منزله بعد ظهوره على بعض القنوات المعارضة التي تبث من تركيا) وانتهاكات السجون 59 حالة (أبرزها ما يتعرض له الصحفي هشام جعفر ومحمود شوكان وأحمد زهران، وأسامة البشبيشي) والمنع من التغطية 45 حالة، وبلغت حالات المنع من الكتابة 15 حالة وبلغت حالات حظر النشر والتشريعات المقيدة للحرية 13 حالة بخلاف انتهاكات السفر وإيقاف ومنع البرامج مثل الوقف المؤقت لقناتي الحياة والنهار وبرنامج العاشرة مساء لمقدمه وائل الإبراشي بعد مداخلة هاتفية مع المرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق،ومصادرة جريدة البوابة بسبب تقارير ضد وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، وتجميد الأموال والممتلكات لبعض المواقع الإخبارية مثل مصر العربية والبورصة وبوابة القاهرة..

وشهد العام 2017 صدور أحكام قاسية وصلت إلى حد الحكم بالإعدام بحق 4 إعلاميين مرتبطين بقناة الجزيرة أحدهم حضوريا وهو أحمد عبده عفيفي، بينما الثلاثة الآخرون فقد صدر الحكم بحقهم غيابيا وهم إبراهيم هلال مدير الأخبار السابق بالقناة، وعلاء سبلان وأسماء الخطيب، فيما صدر حكم بالمؤبد(غيابيا) ضد الإعلامي شريف منصور بقناة وطن، وكذا المؤبد حضوريا للمصور إسلام جمعة بقناة مصر 25. وأحكام غيابية بالحبس 5سنوات لكل من الإعلامية آيات عرابي والإعلامي عبد الرحمن يوسف والفنان محمد شومان، والحبس 3 سنوات حضوريا لمحمد أبو السول ( أخبار اليوم) وغيابيا لأيمن جاب الله مدير قناة الجزيرة مباشر.،

كما صدرت أحكام بالحبس 3 سنوات بحق 4 إعلاميين في قضية إهانة القضاء وهم عبد الحليم قنديل وأحمد حسن الشرقاوي ونور الدين عبد الحافظ وعبد الرحمن يوسف، فيما اقتصر الحكم على الغرامة 30 ألف جنيه بحق الإعلامي توفيق عكاشة في القضية ذاتها، وتقويض الحق في السفر للصحفيين بالصحف القومية في سابقة خطيرة، مع التوسع في التحقيق مع الصحفيين في اتهامات تتعلق بالحق في النشر، (عمرو بدر وطارق حافظ)، وصدور قرارات بالافراج بكفالات رغم النص في القانون على عدم جواز الحبس الاحتياطي في قضايا النشر، وهذه الانتهاكات تضع مصر في صدارة الدول الأكثر انتهاكا لحرية الصحافة.

ومن جهة أخري لازالت قضية مقتل الصحفية ميادة أشرف مثار جدل قانوني وحقوقي في ظل استمرار جلسات محكمة جنايات القاهرة حتي 11 فبراير المقبل، للنطق بالحكم، مع حديث عن غياب الجناة الحقيقيين، بالتزامن مع تجاهل القضاء لملفات كافة الضحايا الذين قتلوا بعد يوليو 2013 ومنهم أحمد عبد الجواد وتامر عبد الرؤوف وحبيبة عبد العزيز وأحمد عاصم ومصعب الشامي ومايك دين ومصطفى الدوح ومحمد حلمي.

4 صحفيين يواجهون الاعدام
4 صحفيين يواجهون الاعدام

تكريس هيمنة  المخابرات على الإعلام

شهد العام 2017 أكبر عملية تغيير للمنظومة الإعلامية في مصر لجهة بسط هيمنة أجهزة المخابرات على العديد من المنابر الإعلامية الأكثر تأثيرا، وهو ما يمكن وصفه بعملية “تأميم ناعم” بخلاف القنوات التي تم تأسيسها، وقد جرت عمليات استحواذ واسعة لصالح المخابرات واجهات مدنية تمثلت في شركات وصناديق استثمار، تمكنت من شراء العديد من القنوات والصحف والمواقع من ملاكها الأصليين مستخدمة أساليب الترغيب والترهيب كما حدث مع رجلي الأعمال نجيب ساويرس والسيد البدوي، وعبر مناقلات لأسهم شركات كانت تملكها تلك الجهات وإن وضعت على واجهتها بعض رجال الأعمال الموثوقين منها مثل محمد الأمين وأحمد أبو هشيمة، وكان الهدف من شراء تلك القنوات هو تحقيق رؤية النظام الحالي لما وصفه بالإصطفاف الإعلامي خلف قيادته .

بدأ العام وتحديدا يوم 14 يناير بانطلاق شبكة تليفزيونية جديدة في مصر أصبحت حديث الرأي العام والوسط الإعلامي وهي شبكة دي إم سي التي تملكها شركة دي ميديا للإنتاج الإعلامي وهي شركة مملوكة للمخابرات حسب الكثير من التقارير الإعلامية، وقد تم رصد ميزانية للقناة حوالي 100 مليون دولار تقريبا،

وتضم هذه الشبكة 10 قنوات منها قناة عامة وأخرى إخبارية على مدار الساعة، وقناة رياضية، وقناة منوعات، وقناة أطفال، وقناة دراما، وقناة سينما، وحصلت الشبكة على تصاريح للتصوير الخارجي في أماكن غير مصرح فيها بالتصوير لأي وسيلة إعلامية اخرى

واختتم العام وتحديدا يوم 19 ديسمبر بأكبر صفقة استحواذ إعلامي في تاريخ مصر الحديث، حيث انتقلت ملكية شركة إعلام المصريين وما يتبعها من قنوات وصحف ومواقع (17 قناة وموقع وشركة أبرزها قناة أون تي في وجريدة اليوم السابع وصوت الأمة) لشركة إيجل كابيتال التي تأسست حديثا، وترأسها داليا خورشيد وزيرة الإستثمار السابقة.

للتذكير سبق أن أعلنت مجموعة دي ميديا التي تمتلك قانة دي إم سي والناس وراديو 9090 مع مجموعة إعلام المصريين في 9 سبتمبر 2016.

 وفي صفقة مشابهة لم يعلن عنها من قبل، كشف مصدر مطلع داخل شبكة قنوات «سي بي سي» عن أن أسهم المخابرات في الشبكة قد جرى خلال شهر ديسمبر 2017نقلها في سرية، إلى مجموعة إعلام المصريين، وبذلك أصبحت «إيجل كابيتال» تمتلك أيضًا حصة تقترب من النصف من “سي بي سي

وفي 13 سبتمبر 2017 أعلنت شركة تواصل (التابعة لشركة فالكون المملوكة للمخابرات الحربية) عن استحواذها على مجموعة قنوات الحياة التي تملكها شركة سيجما برئاسة الدكتور السيد البدوي رئيس حزب الوفد وبلغت قيمة الصفقة 1.4 مليار جنيه، وقد سبق هذه الصفقة تضييقات حكومية تعرضت لها شبكة الحياة وقطع البث بحجة ضرورة سدادها مديونيات متأخرة لمدينة الإنتاج الإعلامي، وكان ذلك بحسب تقارير ردا على موقف نواب حزب الوفد ضد إتفاقية تسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية.

وبدأت مجموعة فالكون نشاطها الإعلامي في مصر بإطلاق إذاعة “DRN” وأسندت إدارتها لشركة “هوم ميديا” التابعة لها. كما استحوذت فالكون على شبكة تلفزيون العاصمة التي كانت مملوكة للنائب سعيد حساسين، في 28 أغسطس 2017، لتصبح الذراع الإعلامية الثانية لها مع راديو “DRN”، وتديرها أيضا شركة “هوم ميديا“.

وكانت شركة المتحدة للطباعة والنشر وتكنولوجيا المعلومات، المملوكة للمخابرات، قد أعلنت في أكتوبر من العام الماضي، عن استحواذها على حصة من تحالف شبكتي سي بي سي والنهار، وهو الاندماج الذي أعلن فشله في أبريل الماضي لتخرج شبكة النهار وتبقى الشراكة بين كل من شركة المتحدة ومحمد الأمين عبر شركته فيوتشر( وكان محمد الأمين يمتلك قناة سي بي سي وجريدة الوطن ما يعني أنهما ضمن هذه الشراكة).

لمطالعة التقرير بنسخة pdf 

https://up.top4top.net/downloadf-740bthkd1-pdf.html

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

إغلاق