الطرد مصير كل إعلامي يعارض النظام بمصر

عبد الله حامد-القاهرة
تتزايد الانتقادات من حقوقيين وناشطين في مصر لترحيل السلطات المذيعة اللبنانية ليليان داود، في تكرار لترحيل إعلاميين أو اضطرارهم لمغادرة البلاد طلبا للسلامة بعد انتقادهم النظام الحاكم.

وتعود تفاصيل اعتقال ليليان داود إلى مساء الاثنين الماضي عندما توجهت عناصر أمنية إلى منزلها في حي الزمالك بالعاصمة القاهرة، ثم نقلوها إلى المطار حيث استقلت طائرة شركة مصر للطيران المتجهة إلى بيروت.
ويقول طليقها الصحفي خالد البري إنه وعند وصوله لاصطحاب ابنته من ليليان فوجئ بقوات الأمن تحيط بها لاصطحابها للمطار وترحيلها، وسمع منهم -وفق روايته على صفحته بموقع فيسبوك- أنها أوامر من مكتب الرئيس عبد الفتاح السيسي شخصيا، في تكرار لترحيل الإعلاميين من مصر بعد انتقادهم النظام الحاكم.
بذل البري جهداً لتهدئة ابنته التي أرعبها المشهد، رغم أن “كل أم غير مصرية لابن أو ابنة مصرية الجنسية يحق لها قانوناً الحصول على الإقامة” كما يوضح الحقوقي عزت غنيم، مضيفاً أن إبعاد ليليان غير قانوني ويخالف ضوابط الإبعاد المطبقة في مثل هذه الحالات.

ويرى غنيم في الأمر تعسفاً غير مبرر “ربما لازدياد حدة نقدها للنظام مؤخراً بعد أن كانت تؤيده، وجاء التغير في موقفها نتاج ما لمسته من قمع طال الجميع، تماما مثلما جرى مع مذيعين آخرين طالتهم يد الإقصاء لتغيرهم على النظام”.
ليليان من جانبها قالت -في تغريدات لها على حسابها في تويتر- إنه بعد حوالي ساعة على إعلانها إنهاء التعاقد مع قناة “أون تي في” التلفزيونية المصرية الخاصة، حضر أشخاص لم يظهروا أي أوراق رسمية وطلبوا جواز سفرها البريطاني وتعاملوا معها بطريقة فظة وصادروا هاتفها.
وفي المطار رفضوا مجددا طلبها الحديث للسفارة أو محام أو حتى أسرتها، وكان ردهم أنها أوامر جهات سيادية، مؤكدة أنها لن تتوانى عن أي مسعى قانوني أو دبلوماسي للعودة لمصر التي تفخر بحياتها وحياة ابنتها فيها، وبكل ما تعلمته منها ومن أهلها الذين تصفهم بأنهم أهلها.
قائمة المبعدين
وليليان ليست الأولى من الإعلاميين الأجانب الذين تم ترحيلهم، فقد سبق وجرى ترحيل مراسل صحيفة لاكروا الفرنسية فور وصوله المطار قادما من باريس.
ومسّ التضييق عددا من المذيعين وفي مقدمتهم باسم يوسف إلى أن اضطر لمغادرة مصر ولم يتمكن من العودة حتى لتلقي العزاء في وفاة والده، كما تم إنهاء تعاقد يسري فودة بقناة “أون تي في” ولم يجد قناة تتعاقد معه فاضطر للمغادرة والتعاقد مؤخرا مع تلفزيون “دويتشه فيله”.
نفس الأمر حدث مع المذيعة ريم ماجد، لكنها لا تزال بمصر رغم انسداد الأبواب أمامها، ومنع المذيع يوسف الحسيني من تقديم برنامجه التلفزيوني، وكل تلك التضييقات جاءت عقب انتقادات أفصح عنها هؤلاء ضد سياسات النظام.
وقد وصف بيان للمرصد العربي لحرية الإعلام ما جرى مع ليليان “بالهجمة الجديدة” على حرية الصحافة بمصر والتي تأتي في سياق “حملة واسعة لقمع حرية الصحافة” وتحويلها إلى مجرد أبواق دعاية للسلطة الحاكمة، ومنع أي أصوات ناقدة أو مستقلة، والسعي لنقل ملكيات بعض المؤسسات الإعلامية إلى جهات أكثر التصاقا بالنظام القائم سواء كانت جهات أمنية أو تجارية.

ومن جانبه، قال عضو لجنة الحريات بنقابة الصحفيين أحمد عبد العزيز إن ما جرى بحق ليليان ومن قبلها العديد من الإعلاميين يأتي في إطار قمع الإعلام والصحافة “نسبة لأن النظام فشل في كل الملفات تقريبا ولا يريد لأحد أن ينتقد فشله، لاسيما وأن الصحافة هي الوحيدة التي تعبر عن المعارضة بعد تأميم المجال العام، وموت السياسة”.
تحول البوصلة
ويفسر عبد العزيز التضييق والترحيل للمذيعين المغضوب عليهم نتيجة انتقال كثير منهم من خانة التأييد إلى النقد، ومحاولة البعض إصلاح النظام والتقليل من فشله “ولكن يبدو أنه حتى هذا يقابل بالرفض من جانب السلطة”.
واعتبر الباحث بالمرصد أحمد أبو زيد أن ليليان لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، موضحاً أن انتقام السلطة منهم جاء بعد “التحول الطبيعي لبوصلة مواقفهم، في ظل حالة الإخفاق التام للنظام، والإحساس لدى بعض الإعلاميين بالذنب نتيجة التناقض مع أفكاره القديمة، فضلاً عن صراع الولاءات بين الأجهزة ما يلزمهم بمسايرة الأجهزة التي يخضعون لها وتوجهاتها.
ورأى أبو زيد أن “فرار” الإعلاميين من معسكر تأييد النظام جاء بعد أن أصبحوا أمام خيارين: إما تأييده وفقدان المصداقية والشعبية، وإما نقده والتعرض لبطشه، وهو ما كان أهون لدى كثيرين وجدوا أنفسهم خارج المشهد الإعلامي فاضطروا للعمل بقنوات خارج مصر تمسكاً بالمهنية.

*نقلا عن الجزيرة نت

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

إغلاق