“المصري اليوم” تحذف مقال الكاتب جمال الجمل “تيران.. متاهة الجنرال”

حذف الموقع الإلكتروني لجريدة “المصري اليوم”، مقالًا للكاتب الصحفي جمال الجمل، اليوم الأربعاء، الموافق 18 يناير الجاري، والذي حمل عنوان “تيران.. متاهة الجنرال”، وذلك بعد نصف يوم كامل من نشره على الموقع؛ مما أثار حفيظة الكاتب الذي اعتاد كتابة المقالات على البوابة الإلكترونية للجريدة بشكل دوري.

وأصدر “الجمل”، بيانًا مساء اليوم، الأربعاء، للتعقيب على واقعة حذف مقاله وتوضيح ما حدث، مؤكدًا أن “لكل صحيفة حق النشر بما تحدده من قواعد، وبما تستطيع أن تتحمله من ضغوط، وبما تفضل ممارسته من توازنات ومواءمات، ولا عيب أن يحدث ذلك للدفاع عن وجودها، وللدفاع بالأساس عن حقوق حرية التعبير والرأي.. وهي في الأساس ليست اختيارًا.. بل هي (الحريات) “بضاعتها الأصيلة”.

وقال “الجمل”، في بيانه: “أراعي هذه المبادئ في تعاملي مع صحيفتي الأم “المصري اليوم”، وأتجنب الكثير من الكتابة الشائكة فيها، وبالأمس أرسلت نص قصيدة للشاعر الرائع الدكتور إبراهيم البجلاتي، لتجنب الخوض في اشتباك قانوني أو سياسي في قضية تيران وصنافير، ونُشر المقال بالفعل لأكثر من 12 ساعة على الموقع”.

وأردف: “فوجئت باتصالات تليفونية عصر اليوم (الأربعاء 18 يناير)، تستفسر عن عدم وجود مقالي على الموقع، ولم أفهم الاستفسارات، حتى فوجئت فعلاً بحذف المقال، وهو نص إبداعي (وليس مقالاً سياسيًا).. وذهب ظني أن صاحب قرار الحذف، قد يرى في لغة القصيدة ما يخرج على السياسات العامة، أو الأخلاقيات العامة، كما في المقتطف المأخوذ من ماركيز “الجنرال في متاهته”، أو أيًا ما كانت الحجج التي تبرر حذف مقال بعد نشره بنصف يوم كامل!”.

وأضاف: “أؤمن أن كل صحيفة (أو منصة نشر) تختار قارئها.. إما من بين الجمهور الواسع صاحب الحقوق الدستورية.. المُلزَم بواجبات وطنية، وإما أن تصدر لقارئ واحد، (كما قيل عن صحف كبرى في كثير من الأوقات)؟”.

وتابع: “الكتابة شأن الكاتب وجمهوره، والنشر شأن منابر النشر وفق عقد اجتماعي تلتزم به وسائل الإعلام، أو تكتفي ببعضه، أو تتنازل عن حقها فيه لصالح جهة خارجها، (أو داخلها).. لذلك فإن آرائي وكتاباتي لن تتأثر بمدى استطاعة الصحف والمواقع على النشر، سأكتب ما أرى وأعتقد، مناضلاً من أجل توسيع مساحات الحرية (بلا رغبة في الصدام مع أحد أو مع جهة.. وأيضًا دون تنازل يتوافق مع رغبات الساعين إلى طمس آراء الناس وحشرها في “كرتونة” الرأي الواحد، لإعادة توزيعها على الحشود الجائعة للخبز وللحرية”.

واستكمل “الجمل”: “سأقول رأيي بكامل حريتي، ولو لم يبقَ أمامي إلا المقاهي والأرصفة، فليمنع من يمنع، متعللاً بظروفه وظروف المرحلة، أو بحكمة تفضل البقاء على الكبرياء، أما المتمسكين بالحرية فليس أمامهم إلا أن يعيشونها واقعًا، ولا ينتظرونها عطاء رخيصًا “في كرتونة” توزعها العربات الصفراء، في حدود الهامش الذي يمن به من يتصور أنه يقدر على المن كما يقدر على المنع”.

واختتم الكاتب الصحفي بيانه، بقوله: “لن نبني وطننا بالخضوع لجهة ما، مهما كان تحكمها، ومهما كانت هيمنتها؛ سنبني الوطن بالمقاومة العاقلة، التي تستهدف فرض معايير وقواعد في كل مجالات حياتنا، وهي معايير يحددها في الداخل كتاب القواعد المستفتى عليه من الشعب (الدستور)، ويحددها في فضاء العالم منسوب التطور الإنساني، ومستوى الأخلاقيات، واحترام المواثيق والعقود الملزمة لكل مجتمع عصري، أو يطمح لمواكبة العصر.. عاشت الحرية.. عاش المصريون.. وبغير ذلك لن تعيش مصر”.

 

نص المقال المحذوف

تيران.. متاهة الجنرال

قبل عام أو أكثر/ وأنا أمسح التراب عن مرآة مذهبة/ ذكرت شيئا عن الجغرافيا..

عن خرائط في كتاب الوزارة بالأبيض والأسود/ المطلوب أن نعيد رسمها

أو أن نشفها/ وأن نعطي التفاصيل ألوانا:

الأزرق للبحر/ والأخضر للسهل/ والأصفر للصحراء/ والبني للجبال..

الجزر كانت تضيع غالبا/ في الحبر/ أو تنسى

زائدة على الجبل

فائضة عن البحر

(2)

أتذكر الآن أن مدرس الحساب..

كان جنديا سابقا/ سريع البكاء/ سريع الغضب..

قال لنا مرة إنه عاد سابحا/ من جزيرة في البحر/ وماشيا من شبه جزيرة كبرى/ وإنه ترك الكثير من لحمه/ في الرمل

(3)

قال لنا:

لونوا هذه الجُزُر بالأحمر/ كقطعٍ من الروح..

كنا صغاراً/ فلم ندرك ما يقول/ ولم نفهم/ أن الخلجان ليست بيتا ضيقا للسمك/ وليست جنة مغلقة على الشعاب المرجانية

(4)

وقال أيضاً:

اعتذروا لشاعرٍ قال: «الدرس انتهى.. لموا الكراريس»

يا أولاد/ لا تقفلوا الكراريس/ ولا تجمعوها/ فأمامكم الكثير لتعرفوه

(5)

بعد أعوام قليلة/ قال شاعر آخر:

«لا تصالح»

وبعد أعوام أُخَر/ قال شاعر:

«العام يكتمل انحنائي/ كي تطير الطائرات على ارتفاع منخفض»

(6)

ثم ماذا؟..

(7)

سيقضي الجنرال أعواما طويلة في متاهته

لن يجد إصبعا واحدا من الموز/ ليحشره بين فخذي امرأة

ولن يجد أبدًا..

من يكاتبه

(*) لي الاختيار والعنوان والتنسيق، ولإبراهيم البجلاتي القصيدة، وللأحرار أرضهم.. ما دامت قدرتهم في التمسك بها والدفاع عنها.. عاش الشاعر، وعاشت القصيدة، وعاشت الأرض لأصحابها حقولا وملاعب للأحياء.. وحضنا رحيما للأموات

(-)

صلاح جاهين- أمـــل دنـقــل- إبراهيم البجلاتي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

إغلاق