بدر الدين عطية يكتب عن تجربة اعتقاله أكثر من عام: محاكمة الرأي أمام محكمة السكك الحديدية

*نقلا عن موقع البداية

بعد مرور ما يزيد عن العام منذ إعتقالي، وتحديداً في مايو من عام 2015 تحت طائلة قانون الحبس الإحتياطي سيء السمعة “والذي يعد عقوبة في حد ذاته” تم إخلاء سبيلي بكفالة مالية على ذمة قضية لازالت تتأرجح بين قاعات المحاكم المختلفة.

تلك القضية التي تم إحالتها مبكراً وتحديداً في أغسطس من العام الماضي إلى محكمة الجنايات بناءاً على تحقيقات النيابة العامة وتحريات جهاز مباحث الأمن الوطني، “بالتاء على طريقة إليسا في أغنية موطني” حيث نصت لائحة الإتهام على: الإنضمام لجماعة إرهابية ،نشر أخبار ومعلومات كاذبة ،نشر أخبار تحرض ضد الجيش والشرطة والقضاء ،تكدير الأمن والسلم العام ،ومحاولة قلب نظام الحكم “المنقلب أساساً” …. إلخ من ديباجة سابقة التجهيز يتم إلصاقها بكل صاحب رأي مناهض “لشبه” النظام الحاكم في مصر.

مرت الأشهر تلو الأشهر حتى كان الموعد المنتظر للجلسة الأولى لمحاكمتي أمام محكمة الجنايات في التاسع من فبراير للعام 2016 تلك الجلسة التي لم تتعدى مدتها الزمنية الثلاث دقائق إذ إكتفى السادة أعضاء هيئة المحكمة بالنظر لي عدة نظرات وأنا مودع قفص الإتهام، “وكأنني خاضع لإختبار كشف هيئة” متخذين قرارهم بعدم الإختصاص في نظر تلك القضية وإحالتها إلى المحكمة الإقتصادية ..

جال بخاطرى لثوانٍ معدودة المقولة الشهيرة “لا تتعجب فإنها إرادة الله”، وهو قول مأثور يكتب على مؤخرات التكاتك كنوع من الزينة “والتوكتوك هو كائن هجين لحشرة تعمل بالبنزين تستخدم لنقل الركاب في مصر وتتسم بالعشوائية وتعد أحد أهم أسباب حوادث الطرق بها” ،ولا أنكر مدى دهشتي من قرار هيئة المحكمة حيث أن جميع التهم المنسوبة لي لا علاقة لها من قريب أو بعيد بالقضايا التي تنظرها المحكمة الإقتصادية كالإضرار بالإقتصاد القومي للبلاد فلم ينسب لي المسئولية عن إنهيار سعر صرف الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية بسبب سياساتي الفاشلة !!! ولم ينسب لي المسئولية في تحميل خزينة الدولة “الخاوية على عروشها” أموالاً طائلة من فرط السفه في فرش سجادة “بمبى مسخسخ” على الأسفلت بطول أربعة كيلومترات كي أمتطيها بسيارتي الفارهة !!! كما أنني لم أتهم بتأسيس صناديق غير خاضعة للرقابة لجباية المليارات من الجنيهات بالمخالفة للدستور والقانون !!! لم … ولم … ولم !!!

والآن وبعد أن تم إخلاء سبيلي بكفالة مالية على ذمة القضية التي لم يتحدد لها بعد موعداً لنظرها أمام المحكمة الإقتصادية لم يعد يشغلني التفكير في تفاصيل تلك القضية ولا التهم المنسوبة لي فيها والتي إستدعت تحويلها من محكمة الجنايات إلى المحكمة الإقتصادية بل إنني أكاد ألا أحمل أي تعقيب قد أسوقه إلى هيئة المحكمة التي ستنظر القضية اللهم إلا قولاً واحداً مُستلهِماً فيه كلمات الشاعر الكبير إيليا أبو ماضي “جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت“.

غير أن حقيقة ما يشغل تفكيري هو ذلك المظهر الذي يجب أن أظهر به أمام هيئة المحكمة الإقتصادية إذ تراودني نفسي لأن أرتدي ملابس “سينيه” وأن يرافقني في قفص الإتهام سيجار كوبي من النوع الفاخر ،حتى إذا ما كانت جلسة المحكمة الإقتصادية المرتقبة نسخة طبق الأصل من جلسة محكمة الجنايات السابقة وأكتفت هيئة المحكمة بالنظر لي وإجراء كشف هيئة مماثل لسابقه ،لا أتفاجأ حينها وأكون قد قطعت الطريق تماماً على هيئة المحكمة الإقتصادية في أن تتخذ قراراً بعدم الإختصاص وتحويلي إلى محكمة السكك الحديدية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

إغلاق