رسالة من الصحفي السجين أحمد عز الدين: 4أشهر سجن بلا قضية

أحمد عزالدين

5 يونيو، 2014

في يوم 28 مايو أتم الصحفي أحمد عزالدين أحمد (60 سنة) أربعة أشهر في الحبس الاحتياطي دون أن تظهر أي ملامح للقضية التي تم حبسه على ذمتها, و دون أن يتسلم محاموه ورقة واحدة من أوراقها.
عند العرض على نيابة كرداسة التابعة لشمال الجيزة (و هذا أمر مستغرب لأن دائرة سكن عزالدين بعيدة عن اختصاص تلك النيابة) وجه له وكيل النيابة سؤالا واحدا و هو عن الانتماء لجماعة الإخوان ثم سأل عزالدين عما إذا كان يرغب في معرفة بقية الاتهامات!! و اكتفى بهذا السؤال ثم قرر حبس عزالدين 15 يوما, و يتم تجديد الحبس بشكل غير منتظم منذ ذلك الحين.
و رغم أنه محبوس على ذمة التحقيق في قضية, فإنه لم يوجه إليه أي سؤال أو تحقيق إضافي من جانب النيابة التي عرض عليها ثماني مرات منذ ذلك التاريخ, كما أنه لم تجر أي مواجهة بينه وبين باقي المتهمين على ذمة القضية.
كانت البداية بعد منتصف ليلة 28 يناير 2014, حين اقتحمت قوات الأمن الوطني و الأمن المركزي المدججة بالسلاح منزل عزالدين بمنطقة الهرم بمحافظة الجيزة حيث جرى تفتيش المنزل و مصادرة اللاب توب وهاتفه المحمول و تم نقل عزالدين تحت الحراسة المشددة إلى معسكر قوات أمن أكتوبر (غرب الجيزة) دون أن يسمح له بأخذ أي من متعلقات له سوى بعض حبات الدواء.
في غرفة مكتظة بالمحتجزين, لا تزيد المساحة المخصصة للفرد الواحد عن 60 سم مربع, قضى عزالدين أسبوعين في هذا المكان لم يرى خلالهما الشمس, إذ لا يسمح لأحد بالخروج كما لا يتوفر بالمكان أي شكل من الرعاية الطبية و يعتمد المحتجزون على الطعام و الدواء الذي يأتيهم مع الزيارات التي كان يسمح بها لمدة عشر دقائق. كان الحجز يضم أكثر من 200 شخص و لا يعرف الهدوء للحظة واحدة من ليل أو نهار.
فى هذا المكان تعرف عزالدين على نحو 10 أشخاص محبوسين على ذمة القضية ذاتها لم يسبق له ان تعرف عليهم او حتى سمع عنهم.
فجأة … تم نقل عزالدين مع آخريين محبوسين على ذمة القضية وقضايا آخرى الى سجن رقم 430 الصحراوى بوادى النطرون شمال القاهرة و هو احد السجون شديدة الحراسة .
قبل دخول السجن تم تجريد الجميع من جميع متعلقاتهم بما فى ذلك الملابس التى يرتدونها و الادوية الضرورية .. بالسروال الداخلى فقط و هم حفاة دخل المتهمون السجن بعد ان اُجبروا على حلاقة شعورهم .. و كان ذلك مساء يوم 13 فبراير و هو من أيام الشتاء الباردة .
فى غرفة جرداء باردة لا ترى الشمس ابدا حُشر عشرون شخصا بعد ان دفع لهم السجان بأربعة بطاطين مستخدمة, بعضها مهلهل ليستخدمها 20 شخصا فرشاً و غطاءً معاً ! و ليس على الأجساد سوى بدلة التحقيق المصنوعة من قماش خفيف .
تدريجيا , كل يوم يزداد عدد البطاطين اثنتين أو ثلاث .. أما الطعام فيُقدم طعام اليوم كله دفعة واحدة فى السابعة صباحاً بارداً غير مكتمل الطهو .
طلب عزالدين العرض على طبيب السجن فلم يُجب طلبه الا بعد 3 أيام و كانت المفاجأة أن كل أدوية الضغط و ضيق الشرايين التى يستخدمها غير متوفرة بمستشفى السجن و أخبره الطبيب بأنه سيطلب هذه الأدوية (من جهة أعلى) لكنها لم تأت أبداً حتى غادر عزالدين ذلك السجن بعد 19 يوماً لكنه تمكن من توصيل رسالة لأسرته فوصلته الأدوية بعد 11 يوماً من الانقطاع ارتفع خلالها ضغط الدم لمستويات خطرة و ازدادت خلالها المعاناة من ضيق الشرايين .
اجرت نقابة الصحفيين المصرية التى ينتمى اليها عزالدين اتصالات بالنائب العام و بمصلحة السجون أسفرت عن نقل 4 من الصحفيين من السجون شديدة الحراسة إلى “سجن القاهرة” بمنطقة طرة حيث المعاناة اقل … ولكنها تبقى قائمة .. فالتريض لمدة ساعة واحدة يومياً عدا أيام الأجازات حيث تُغلق الأبواب طوال اليوم و رغم وجود عيادة بالسجن إلا أن حضور الأطباء المتخصصين غير منتظم و الانتقال إلى مستشفى ليمان طرة التى لا تبعد إلا خطوات , مسألة تخضع لتوازانات أمنية و اجراءات مشددة تجعل الذهاب للمستشفى أمراً بعيد المنال .
كما سبق أن حدث مع عزالدين في عهد مبارك, تحول الحبس الاحتياطي إلى عقوبة ممتدة لا يعرف أحد متى تنتهي, و تستجيب النيابة العامة لطلبات الأمن و الوطني رغم أن معظم القضايا تفتقر إلى الأدلة المادية, فحتى محضر الضبط الذي وقعه ضابط الأمن الوطني الذي ألقى القبض على عزالدين يقر بأنه لم توجد بحيازته مضبوطات تمثل حيازتها جريمة, وقد طلب محامي عزالدين ومحامي نقابة الصحفيين الذي حضر مع عزالدين أمام النيابة الافراج عنه بضمان النقابة لكن الطلب كان مصيره الرفض.
و تستمر معاناة عزالدين في الحبس الاحتياطي, و يوما بعد يوم تثقل عليه وطأة المرض بسبب ظروف السجن غير الصحية و البقاء في وضع الجلوس أو النوم لأكثر من عشرين ساعة كل يوم, فضلا عن الضغوط النفسية و العصبية.
و في ظروف مشابهة يعيش صحفيون آخرون مثل محسن راضي و هاني صلاح الدين و إبراهيم الدرواي, غير انهم جميعا تم احالتهم إلى المحاكم.
إن أوضاع المحبوسين احتياطيا في السجون المصرية تحتاج إلى ثورة كبيرة في مجال حقوق الإنسان حتى تتحقق لهم أدنى حقوق الحياة فضلا عن الحاجة لسرعة البت في القضايا و أن يكف الأمن الوطني عن تلفيق الاتهامات للأبرياء و أن تمارس النيابة العامة سلطتها المستقلة و لا تستجيب لطلبات الأمن الوطني بحبس المعارضين السياسيين.
إن النظام القائم في مصر بعد 30 يونيو 2013 يتباهى بأنه لا يوجد في مصر معتقل سياسي و يتجاهل وجود عشرات الآلاف من المحبوسين احتياطيا, و على النيابة أن لا تكون طرفا في هذه الخدعة السخيفة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

إغلاق