شكرى القاضى يكتب : فى المسألة الصحفية

بات واضحاً أن مشروع قانون “الاعلام الموحد” يشوبه عوار دستوري. فلا يعّقل ان يقوم بنيان بلا أعمدة وأعمدة هذا القانون تتمثل في الهيئات الثلاث التي تشتمل عليها مواد القانون وجميعها هيئات مستقلة قائمة بذاتها. الأمر الذي حسمه قسم الفتوي والتشريع بمجلس الدولة مؤخراً حيث اعاد القانون إلي الحكومة وطالبها بضرورة إعادة صياغة وتشكيل تلك الهيئات أولاً ثم عرض مشروع قانون الاعلام الموحد عليها لاستطلاع الرأي قبل الموافقة علي إقراره ومن ثم يصبح من الصعوبة بمكان مناقشة مثل هذا القانون في صورته النهائية خلال دور الانعقاد الحالي لمجلس النواب. الأمر الذي يفتح الباب علي مصراعيه لمناقشة الاقتراح بقانون الذي قدمه النائب مصطفي بكري لتعديل المادة “68” من قانون الصحافة رقم “96” لسنة 1996 وتكمن خطورة هذا الاقتراح في تحويل المؤسسات القائمة علي شئون الصحافة والصحفيين إلي مجرد “خيال مآتة”.. وتضع المهنة الجليلة في مهب الريح وعلي الجماعة الصحفية ان تنتبه وتقرأ ما بين السطور جيداً. فالضجة التي اثيرت مؤخراً حول هذا القانون والاقتراح بمشروع قانون بديل تتجاوز حتمية مراعاة الدستورية وتشير إلي اصابع خفية تسعي جاهدة إلي تفكيك وحدة الصحفيين. فالضجة في الأساس تعكس صراعاً علي المناصب القيادية في المؤسسات الصحفية القومية. ولذا فقد حرصت علي قراءة مقال النائب مصطفي بكري صاحب جريدة “الأسبوع” المنشور بالجريدة يوم العشرين من يونيو الماضي تحت عنوان “الحرب المقدسة في بلاط صاحبة الجلالة” وتوقفت امام ملاحظتين:
الملاحظة الأولي: ان النائب يضمن مشروع قانونه اقتراحاً بفصل الهيئة الوطنية للصحافة عن الهيئتين الآخريين واقرار القانون الخاص بها علي وجه السرعة للخروج من الوضع الاستثنائي الذي تعيشه المؤسسات الصحفية.
الملاحظة الثانية: وتنطوي علي مفاجأة من العيار الثقيل حيث نسب بكري مشروع اقتراحه لتعديل قانون الصحافة إلي الزميل عبدالمحسن سلامة المرشح لرئاسة مؤسسة الأهرام والزميل علي حسن الذي شاركه الرأي وأيده في طرحه علي بكري وبالفعل استجاب بكري لهما وتقدم باقتراحهما عبر مشروع قانونه المثير للجدل
. * وبعيداً عن التوجهات الشخصية أو الاتهام بالشخصنة أو شبهة تدخل الادارة لفرض قيود جديدة علي حرية الصحافة دعونا نستطلع رأي خبراء القانون حيث صرح المستشار صابر عمار عضو لجنة الاصلاح التشريعي لإحدي الصحف في الأسبوع الفائت بأن قيام المجلس الأعلي للصحافة بإصدار قرار بالمد لرؤساء الصحف القومية الحاليين قانوني ويسقط المقترح بقانون الذي تقدم به النائب مصطفي بكري لتعديل المادة “96” المتعلقة بتشكيل المجلس الأعلي للصحافة.
ومن ناحيته يؤكد النائب مصطفي بكري ان قرار المجلس الأعلي للصحافة بالمد لرؤساء مجالس الإدارة ورؤساء التحرير قرار معيب وباطل. لأنه يتعارض مع نص القرار بقانون رقم “66” لسنة 2013 والذي يمنح المجلس الأعلي للصحافة صلاحية حق التعيين لمدة واحدة فقط لا تزيد علي سنتين..!
** آخر كلام:
مخطيء من يظن ان الأوطان يمكن أن تتقدم بدون صحافة حرة. وخائن من هو يعلي مصالحه الشخصية علي مصالح الوطن خاصة في القضايا التي تمس الأمن القومي للبلاد. وواقع الحال ان تناول الأطراف المعنية لقوانين الاعلام والصحافة بالتلكؤ تارة. والتخبط تارة أخري أمر يبعث علي الدهشة والريبة في آن ويمكن التعبير عنه في ابيات شعرية تجسد حكمة حياتية بليغة علي لسان الشاعر “علي الجندي” عميد كلية دار العلوم الأسبق “1898 1973” قالها قبل الزمان بزمان:
لكل امريء “جهر” يخالف سره
ومالي من سر يخالف جهري
تطالع في وجهه صحيفة خاطري
وتقرأ في عيني ما حاك في صدر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

إغلاق