تقرير يوليو 2018: 3 قوانين تحكم الحصار على الإعلام و3 سجناء جدد

لندن – 9 أغسطس /آب 2018

بقدر سخونة الحرارة في صيف مصر هذا العام، كانت سخونة الانتهاكات ونوعيتها في شهر يوليو الماضي، والتي ترتفع شهراً بعد شهر، وتختلف من حيث الكم والكيف، في وتيرة متسارعة لا تكاد تهدأ، وكأنه سباق يحاول النظام أن يحقق فيه رقماً قياسياً جديداً.

ويكفي الشهر انتهاكا موافقة مجلس النواب على مشاريع القوانين الإعلامية الثلاثة (تنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام) المعروفة إعلاميا بقوانين اعدام الصحافة، والمقيدة لحرية الإعلام بما تضمّنته من العديد من النصوص التي تضرب حرية الصحافة والإعلام في مقتل، و”تشرعن” القمع وتكميم الأفواه، وتسحب مكاسب حققها الصحفيون في فترات سابقة سواء قبل أو بعد ثورة يناير 2011.

 

وبلغ عدد الانتهاكات في هذا الشهر 23 انتهاكاً، أخطرها صدور 3 تشريعات تكمل الحصار الخانق ضد الإعلام، وحبس 3 صحفيين جدد، وانتهاكات المحاكم بـ (9 انتهاكات)، تلتها قيود النشر بـ (6 انتهاكات)، وتساوت انتهاكات السجون والانتهاكات الإدارية بانتهاك واحد لكل منهما، فيما ارتفع عدد الموقوفين إلى 97 صحفيا واعلاميا بعد أن كان 95 في الشهر الماضي.

وشهد شهر يوليو عددا من الانتهاكات النوعية بظهور ملامح القضية 441 المعروفة إعلامياً بـ “الحراك الإعلامي”، والتي صارت صندوقاً كبيراً مفتوحاً يبتلع منذ فتحه وحتى الآن أسماء جديدة لصحفيين وإعلاميين، كما باتت التدابير الاحترازية سيفا جديدا مسلطا على الصحفيين والاعلاميين دون احترام للحقوق والحريات والمبادئ الدستورية.

 

أولاً: الحبس والاحتجاز (3 انتهاكات):

 

شهد شهر يوليو احتجاز 3 صحفيين، بينما كان أقل الشهور إخلاء للصحفيين المحتجزين، فلم يرَ النور سوى الصحفي “محمد أبو السول” جريدة “أخبار اليوم” في الثالث من يوليو، بعد أداء فترة حكمه بالحبس لمدة 3 سنوات.

وكذلك الصحفي “وجدي خالد” الذي تم إخلاء سبيله في 14 يوليو بعد انتهاء مدة حكمه (شهران).

وكذلك في 28 يوليو كان تخفيف التدابير الاحترازية عن الصحفيين “محمد الشاعر” و”خالد ماتع” في القضية ٦٧١ لسنة ٢٠١٧ حصر أمن دولة.

وكان التوقيف كالآتي:

1- فجر يوم 5 يوليو، اقتحمت قوة أمنية منزل المصورة الصحفية “ميرفت الحسيني” وقامت باعتقالها وتحطيم محتويات منزلها، وظلت قيد الاختفاء القسري لمدة 3 أيام.

وفي 8 يوليو ظهرت “الحسيني” وأكد محاميها أنها تعرضت للتعذيب في فترة اختفائها على يد قوات أمن الدولة، وتم ضمها للقضية رقم 441 لسنة 2018 حصر أمن الدولة العليا والمعروفة إعلامياً بقضية “الحراك الإعلامي”، والتي تضم العديد من الصحفيين والإعلاميين.

2- بتاريخ 6 يوليو، ذكرت مصادر إعلامية أنه بتاريخ 2 يونيو الماضي تم اعتقال الصحفي “يوسف حسني”، وهو منتج سابق لفضائية “الجزيرة” بمصر ومراسل سابق لموقع “الجزيرة نت”، اعتقل من منزله بالقاهرة من قبل قوات أمن الدولة، وبعد اختفاء قسري دام 34 يوماً في مقار الاحتجاز المصرية، تمكّنت العائلة من التواصل معه ومعرفة أسباب اعتقاله، وظهر على ذمة التحقيق في القضية رقم 441 لسنة 2018.

3- بتاريخ 7 يوليو، قامت قوات الأمن باعتقال الزميل “محمد أحمد عز” صحفي سابق بجريدة “اليوم السابع”، وتم عرضه على نيابة أمن الدولة في القضية رقم ٥٠٢ لسنة ٢٠١٥ والمعروفة إعلامياً بقضية “مكملين 1”.

 

ثانياً: انتهاكات المحاكم (9 انتهاكات):

 

1- في يوم 9 يوليو، قررت النيابة إخلاء سبيل الصحفي “عادل صبري” – رئيس تحرير موقع “مصر العربية” – بكفالة 10 آلاف جنيه، وفي الوقت الذي قام فيه “صبري” بتسديد كفالته، وكان يستعد لإخلاء سبيله فوجئ يوم 11 يوليو باستدعاء آخر من النيابة وضَمّ اسمه في القضية رقم 441 لسنة 2018 والتي صارت صندوقاً كبيراً يبتلع أسماء العشرات من الصحفيين والإعلاميين وسيفاً مصلتاً على الرقاب موجهاً لكل المعارضين للنظام.

القضية التي بدأ الحديث عنها منذ شهور لا تزال مفتوحة حتى كتابة هذه السطور وتضم كل فترة أسماء جديدة، ما يدل على أن القضية مفبركة والغرض منها أن تكون كارت إرهاب مفتوح ضد الصحفيين.

2- بتاريخ 14 يوليو، قضت محكمة جنح الجيزة، بالسجن لمدة شهرين على الصحفي “وجدي خالد”، في اتهامه بالاشتراك في التظاهر، والترويج لأفكار جماعة محظورة، ونشر أخبار كاذبة، في القضية رقم 187 جنح أمن دولة طوارئ، وقد تم إطلاق سراحه لأنه قضى 5 شهور في الحبس على ذمة القضية ذاتها.

3- في يوم 16 يوليو، ظهر الصحفي “محمد سعيد فهمي” – الصحفي بجريدة “الدوريات العربية” – في نيابة أمن الدولة العليا، وتم ضم اسمه للقضية رقم 441 لسنة 2018، وذلك بعد إخفاء قسري منذ اعتقاله في 1 يونيو الماضي، بما يزيد عن شهر ونصف من الاختفاء لدى قوات الأمن.

4- في 17 يوليو، استدعت نيابة شمال الجيزة الكلية الصحفي “مجدي الجلاد” – رئيس تحرير مجموعة “أونا” للصحافة والإعلام – لسماع أقواله في بلاغ يتهم موقع “مصراوي” – أحد المواقع الإلكترونية للمجموعة – بنشر أخبار كاذبة.

يأتي ذلك بعد أن قررت النيابة إخلاء سبيل “سامي مجدي” مدير التحرير و”محمد مكاوي” مسؤول النشر بكفالة 10 آلاف جنيه لكل منهما على ذمة التحقيقات؛ وذلك بسبب نشر الموقع خبرًا في الحادي عشر من ديسمبر الماضي حول تحذير السفارة الأمريكية في القاهرة لرعاياها في مصر من احتمالية وقوع هجمات إرهابية، وبادر الموقع على الفور بحذف الخبر، ونشر كذلك نفي السفارة الأمريكية والجهات الأمنية.

5- بتاريخ 18 يوليو، جددت نيابة أمن الدولة حبس 5 صحفيين دفعة واحدة وهم: “عادل صبري” رئيس تحرير “مصر العربية”، و”مؤمن حسن”، و”شروق أمجد”، و”محمد أبو زيد”، و”إسراء أبو الغيط”، لمدة 15 يوم على ذمة التحقيقات في القضية 441 لسنة 2018 حصر أمن دولة.

6- في يوم 22 يوليو، جددت محكمة جنايات القاهرة الدائرة ٢٨ حبس الصحفي “أحمد السخاوي” ٤٥ يوماً، كما جددت حبس الصحفي “إيهاب حمدي سيف النصر”، على ذمة القضية رقم ٩٧٧ لسنة ٢٠١٧ حصر عليا.

7- وفي 22 يوليو أيضاً، قررت الدائرة 23 جنايات القاهرة استمرار التدابير الاحترازية لمدة ثلاثة أيام للصحفيين “حمدي الزعيم” و”محمد حسن”، وذلك في القضية رقم 15060 لسنة 2016 جنح قصر النيل.

8- وفي 30 يوليو، جددت محكمة الجنايات الدائرة 23 شمال، حبس الصحفي “أحمد عبد العزيز” في القضية رقم ٩٧٧ لسنة ٢٠١٧.

9- وفي 30 يوليو رفض القضاء قبول استئناف أول درجة للحكم الصادر ضد المصور الصحفي حمدي الزعيم بالسجن ثلاثة سنوات فى القضية المعروفة إعلاميا باسم ( صحفيي المشرحة).

 

ثالثاً: قيود النشر (6 انتهاكات):

 

1-في يوم 4 يوليو قرر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام حظر النشر في التحقيقات الجارية عن مستشفى سرطان الأطفال (57357)، وهو ما يعد انتهاكاً لحرية الصحافة وانحرافاً عن دور المجلس الذي صار يمارس دور السلطة القمعية

جدير بالذكر أن النائب العام قد قام باستدعاء “مكرم محمد أحمد” يوم 7 يوليو للتحقيق معه في هذا القرار، حيث يرى النائب العام أن قرار المنع ليس من سلطات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وإنما هو من سلطات النائب العام فقط، بما يعني إلغاء قرار منع النشر.

2- في يوم 4 يوليو، أعلنت جريدة “المصري اليوم” تعرض موقعها الإلكتروني لعطل مؤقت لخدمات النشر؛ في إطار اجراءات الحجب المفروض عليها بعد افلاتها منه بإجراء تقني آخر.

جدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها بوابة الجريدة الإلكترونية لمشكلة في التصفح، بدأت منذ مشكلة “مانشيت الحشد” الشهير الذي أثار أزمة وقت الانتخابات الرئاسية في مارس الماضي، وأدى لإقالة رئيس تحرير الجريدة والتحقيق معه ومع صحفيين آخرين بالجريدة، ومن وقتها يتعرض الموقع لعدة مشاكل تقنية أدت في بعض الأحيان لحجبه بشكل كامل داخل مصر لعدة ساعات.

3- في 7 و8 يوليو، أكدت مصادر صحفية وإعلامية صدور تعليمات عليا لقنوات فضائية بمنع استضافة 3 أعضاء بمجلس نقابة الصحفيين للحديث حول إقرار البرلمان لقانون تنظيم الصحافة.

وتم المنع بعد اتفاق القنوات مع الضيوف، وتم الاعتذار لهم قبيل ظهورهم بدقائق، وهم: “عمرو بدر” و”محمد سعد عبد الحفيظ” – عضوا مجلس نقابة الصحفيين – واللذين ذكرا أنه تم منعهما من الظهور عبر فضائية LTC، كما ذكر “عبد الحفيظ” أنه تم منعه من الظهور في برنامجين آخرين حول نفس الموضوع بناء على تعليمات عليا.

وكذلك الكاتب الصحفي “هشام يونس” – عضو مجلس نقابة الصحفيين سابقاً – حيث تم إخباره بتأجيل الحلقة التي كان من المقرر الظهور فيها على الهواء مباشرة للحديث عن قانون الصحافة الجديد على قناة “dmc”.

4- في 9 يوليو، أعلن الكاتب الصحفي “عز الدين شكري فشير” توقفه عن الكتابة ونشر مقالاته بجريدة “المصري اليوم”، وذلك بعد منع الجريدة نشر عدة مقالات له.

وأرجع الكاتب عبر صفحته على موقع “فيس بوك” سبب التوقف بأنه “لا يستطيع الكتابة في ظل هذه القيود.. وليس هناك موضوعات آمنة”.

5- في يوم 21 يوليو، وفي إجراء تكرر كثيراً خلال الشهور الماضية، قامت إدارة موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” بحذف صفحة موقع “الثورة اليوم” والتي تجاوز عدد متابعيها 4 ملايين، دون أي أسباب.

ويعتبر موقع “الثورة اليوم” من المواقع المعارضة لنظام الحكم، وضمن المواقع التي حجبها النظام داخل مصر مع أكثر من 500 موقع إلكتروني آخر.

6- وفي يوم 27 يوليو، توقف بث قناة “أون لايف” الإخبارية، وأعلنت شركة “إعلام المصريين” المالكة لشبكة قنوات “أون”، عن توقف بث ON Live الإخبارية بدءاً من 28 يوليو، وذلك في إطار إعادة هيكلة القنوات التابعة للمجموعة، حسب زعم المجموعة.

لكن مصادر إعلامية أخرى أكدت أن غلق القناة جاء كنوع من التضييق على المنافذ الإعلامية الإخبارية لسهولة تحكم النظام في محتوى الأخبار الذي يصدر عن القنوات الفضائية الإخبارية داخل مصر.

 

رابعاً: انتهاكات السجون:

 

1- بجانب استمرار نفس الانتهاكات برز انتهاك واحد خطير في 30 يوليو، حيث أكد محامي المرصد أن الصحفي “المعتز محمد شمس الدين” الشهير بـ “معتز ودنان” تعرض للإهمال الطبي حتى الإغماء داخل محبسه مما أصابه بجرح قطعي استلزم خياطة غرزتين.

يأتي ذلك ضمن جملة انتهاكات يتعرض لها “ودنان”؛ ففي 17 يوليو، أبلغ “ودنان” خلال جلسة تجديد حبسه في هذا اليوم محاميه أن الضابط “وائل أشرف” رئيس مباحث سجن “العقرب” وبمساعدة 3 مخبرين، قام بضربه وسحله؛ لإجباره على فك الإضراب عن الطعام.

وكان “ودنان” قد دخل في إضراب مفتوح عن الطعام؛ احتجاجاً على المعاملة غير الإنسانية واللاقانونية من إدارة السجن، منذ 16 يونيو/ حزيران الماضي؛ لرفض كل الإجراءات التي تتم بحقه في السجن الذي طالب بالنقل منه أكثر من مرة دون جدوى.

 

خامساً: انتهاكات تشريعية

 

1- بتاريخ 16 يوليو، وافق مجلس النواب على مشاريع القوانين الإعلامية الثلاثة (تنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام) المقيدة لحرية الإعلام بما تضمّنتها من العديد من النصوص التي تضرب حرية الصحافة والإعلام في مقتل، و”تشرعن” القمع وتكميم الأفواه، وتسحب مكاسب حققها الصحفيون في فترات سابقة سواء قبل أو بعد ثورة يناير 2011.

وقد أصدر المرصد العربي لحرية الإعلام بياناً بتاريخ 17 يوليو أدان هذا التغول الجديد على حرية الصحافة والإعلام في مصر، داعياً الجميع لمواصلة العمل لإسقاط هذه القوانين أو على الأقل النصوص المقيدة فيها.

وذكر المرصد في بيانه عدداً من القيود التي تم فرضها من خلال القوانين الثلاثة على حرية الصحافة، ويمكن الرجوع للبيان لمزيد من التوضيح

 

سادساً: قرارات وانتهاكات إدارية

 

1- في 13 يوليو، جدد صحفيو جريدة “الأسبوع” اعتصامهم بمقر النقابة؛ رفضاً لسياسة تعنت إدارة الجريدة ضدهم وعدم منحهم مستحقاتهم المالية.

وقال الصحفيون المعتصمون: إنهم فضوا اعتصامهم الأول الذي كان في 12 ديسمبر 2017 بعد وعد نقيب الصحفيين بالتدخل لحل أزمتهم شرط فض الاعتصام، ولكن لم يتم حل أي شيء مما اضطرهم لمعاودة الاعتصام مرة أخرى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

إغلاق