قانون الصحافة الجديد يفرغ النصوص الدستورية من مضمونها ويشرعن الإغلاق والحجب والحبس

لندن- 11-يونيو 2018

أقر البرلمان المصري يوم الأحد 10 يونيو 2018 مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام والذي دمج فيه قانون المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، كما أقر فصل قانوني الهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام مع بعض التعديلات الجديدة بدعوى مواكبة التطور، وبذلك يكون المجلس قد أقر 3 قوانين منظمة للعمل الإعلامي دفعة واحدة.

من الملاحظ أن تمرير القانون تم في ظرف إستثنائي معادي لحرية الصحافة، إذ لا يكاد يمر يوم دون تعرض الصحافة والإعلام لإنتهاكات الحبس والمصادرة والحجب وحظر النشر ومنع السفر الخ، وحيث صنفت المنظمات العالمية الكبرى مصر في المرتبة 161 عالميا في إنتهاك حرية الصحافة، لتقبع بذلك في المنطقة السوداء، كما تم تمرير القانون في مناسبة عزيزة على الصحفيين وهي يوم الصحفي الذي يوافق يوم 10 يونيو من كل عام ، وهو اليوم الذي نجح فيه الصحفيون عام 1996 في إسقاط قانون مشابه وهو قانون تنظيم الصحافة رقم 93 لسنة 1995، وقد جاء ذلك النجاح بعد احتشاد دام أكثر من عام للصحفيين في جمعية عمومية طارئة عقب صدور القانون، وللتذكير فقد وقف الراحل جلال عيسى وكيل نقابة الصحفيين والأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة في ذلك الوقت مخاطبا الرئيس السابق حسني مبارك في عيد الإعلاميين يوم 31 مايو 1995 بأن تصديقه على ذاك القانون هو هدية غير مناسبة للصحفيين في عيدهم، وما أشبه الليلة بالبارحة فكأنما أراد المشير السيسي أن يقدم للصحفيين هدية ملغومة جديدة في يوم عيدهم.

 

مخالفة الدستور

 

نتيجة الروح المعادية لحرية الصحافة فقد جاءت القوانين الثلاثة عاكسة لهذه الروح، وخاصة قانون تنظيم الإعلام الذي محا الضمانات الدستورية بحرية وإستقلال الصحافة والإعلام، ومنع إغلاق الصحف والقنوات وحبس الصحفيين والإعلاميين الخ، والتي تضمنتها المواد 70 و71 و72 بالإضافة للمواد 2111 و212، و213 التي تنظم عمل الهيئات والمجالس الإعلامية وتضمن إستقلالها.

وللتذكير بالنصوص الدستورية الضامنة لحرية الصحافة والإعلام فقد نصت المادة 70 على “حرية الصحافة والطباعة والنشر الورقي والمرئي والمسموع والإلكتروني مكفولة, وللمصريين من أشخاص طبيعية أو اعتبارية, عامة أو خاصة, حق ملكية وإصدار الصحف وإنشاء وسائل الإعلام المرئية والمسموعة, ووسائط الإعلام الرقمي. وتصدر الصحف بمجرد الإخطار علي النحو الذي ينظمه القانون. وينظم القانون إجراءات إنشاء وتملك محطات البث الإذاعي والمرئي والصحف الإلكترونية.

والمادة(71) “يحظر بأي وجه فرض رقابة علي الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها. ويجوز استثناء فرض رقابة محددة عليها في زمن الحرب أو التعبئة العامة.ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية, أما الجرائم المتعلقة بالتحريض علي العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد, فيحدد عقوبتها القانون

والمادة(72) تلتزم الدولة بضمان استقلال المؤسسات الصحفية ووسائل الإعلام المملوكة لها, بما يكفل حيادها, وتعبيرها عن كل الآراء والاتجاهات السياسية والفكرية والمصالح الاجتماعية, ويضمن المساواة وتكافؤ الفرص في مخاطبة الرأي العام.

وقد جاء قانون تنظيم الإعلام الجديد ليمحو أثر هذه المواد الدستورية ويحل محلها مواد قانونية مخالفة لها، مثل إقراره بالحبس في بعض جرائم النشر والعلانية على خلاف النص الدستوري، ومثل تقنينه لإغلاق وحجب المواقع الإلكترونية بالمخالفة للنص الدستوري الذي يمنع ذلك بالمطلق، ومثل تفريغ حق إصدار الصحف بمجرد الإخطار كما نص الدستور، والمبالغة في الرسوم المالية لإصدار الصحف والتي وصلت إلى 6 ملايين جنيه للصحيفة اليومية، وأخيرا هيمنة السلطة التنفيذية على المؤسسات الناظمة للعمل الصحفي والإعلامي مثل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام.

كما كان من الواضح هيمنة (فزاعة) الأمن القومي على المشرع القانوني الذي لم يضع تعريفا محددا لماهية هذا الأمن القومي والذي يظهر مدى التوسع في مدلوله من خلال قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الذي أقره البرلمان يوم 6 يونيو 2018 ليشمل “كل ما يتصل باستقلال واستقرار وأمن الوطن، ووحدته وسلامة أراضيه، وما يتعلق بشؤون رئاسة الجمهورية، ومجلس الدفاع الوطني، ومجلس الأمن القومي، والقوات المسلحة، ووزارتي الإنتاج الحربي، والداخلية، وجهازي الاستخبارات العامة، والحربية، وهيئة الرقابة الإدارية، والأجهزة التابعة لتلك الجهات”، وقد تكررت الإشارات إلى مقتضيات الأمن القومي في العديد من نصوص القانون الجديد ومنها المواد 4 و10و68، وهذا المفهوم المطاط للأمن القومي إلى جانب مفاهيم أخرى حفل بها القانون مثل الأداب العامة والنظام العام كانت وستظل هي الأبواب الملكية لتقييد  وقمع حرية الصحافة رغم كل الضمانات الدستورية.

 

الصفحات الشخصية والتعريفات العلمية

 

كان من مظاهر التوسع في القمع والتقييد أيضا اعتبار الصفحات الشخصية على الفيس بوك وتويتر صحفا إذا جاوز عدد معجبيها الـ5 آلاف، وبالتالي تخضع لقانون الصحافة فيما يتضمنه من محاسبة على الآراء المنشورة على تلك المواقع الشخصية.

 

وكان من الواضح أيضا غياب الخبرة المهنية القانونية وخبرات الصياغة في الكثير من المواد، حيث جاءت تعريف الموقع الإلكتروني في المادة الأولى لقانون الهيئة الوطنية للصحافة بأنه (الصفحة أو الرابط أو التعليق الإلكتروني ….إلخ) وليس مفهوما طبعا كيف يسمى الرابط أو التعليق الإلكتروني موقعا إلكترونيا، كما ظهر الإرتباك في تصنيف المواقع الإلكترونية إذ تظهر حينا باعتبارها جزء من العمل الصحفي فتخضع للهيئة الوطنية للصحافة، وتظهر حينا كجزء من العمل الإعلامي فتخضع للهيئة الوطنية للإعلام، كما جاء تعريف الصحفي والإعلامي في الباب الأول لقانون تنظيم الإعلام على غير هدى، وبعيدا عن أي تعريف علمي رصين، فالصحفي هو عضو نقابة الصحفيين والإعلامي هو عضو نقابة الإعلاميين، (هكذا!!!) دون أن يحدد ما هي طبيعة عمل الصحفي أو الإعلامي التي تمنحه تلك الصفة، فلم يقل مثلا أن الصحفي هو الشخص الذي يتولى جمع الأخبار وتحقيقها ونشرها وفق قواعد مهنية محددة، ويكون هذا العمل هو مصدر دخله الرئيسي، أو غيره من التعريفات العلمية المنضبطة، حتى لو إضطر في نهاية التعريف إلى إضافة عضويته في نقابة الصحفيين، وللتنبيه فهنا أيضا إشكالية فبينما يعرف القانون الصحفي بأنه عضو نقابة الصحفيين فإن النقابة لا تقبل في عضويتها إبتداء إلا الصحفيين، فكيف يكون صحفيا قبل أن ينضم لنقابة الصحفيين حتى توافق على قبوله؟!، كما تطالب المادة الثالثة في مواد الإصدار كل من يعمل في المجال الصحفي أو الإعلامي بتوفيق أوضاعه وفقا للقانون الجديد، وهو نص غريب كان من المفترض أن يتحدث عن توفيق أوضاع المؤسسات وليس الأفراد، ناهيك عن الإرتباك العلمي في التمييز بين مهنتي الصحافة والإعلام، رغم أنهما عالميا يمثلان شيئا واحدا، ويعملان في حقل واحد، ورغم الفصل بينهما في قانون تنيظم الإعلام، وكذا في وجود قانونين منفصلين للهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام إلا أن قانون المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام تجاهل ذكر مسمى الصحافة في عنوانه.

 

ملاحظات تفصيلية

 

ونتظرق فيما يلي لبعض الملاحظات التفصيلية على مواد قانون تنظيم الصحافة

المادة الأولى ( يُعمل بأحكام القانون المرافق فى شأن الصحافة والإعلام ،والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ، وتسرى أحكامه على جميع الكيانات والمؤسسات والوسائل الصحفية والإعلامية والمواقع الإلكترونية وفقا لأحكام القانون المرافق، ويستثنى من ذلك الموقع أوالوسيلة و الحساب الإلكتروني الشخصى.) ومع ذلك يعود القانون في نص لاحق (المادة 19) ليستثني مجددا الحساب الذي يبلغ عدد متابعيه 5 آلاف أو أكثر، حيث يخضعه لقواعد المساءلة الصحفية والعقوبات المقررة، وليس خافيا على أحد إمكانية التلاعب في أعداد المتابعين التي يمكن زيادتها لتصل إلى هذا العدد من خلال اللجان الإلكترونية، وبالتالي معاقبة صاحبها المقصود تأديبه!!

 

تنص المادة الثانية  “تكفل الدولة حرية الصحافة والإعلام والطباعة والنشر الورقى والمسموع والمرئى والإلكتروني. وتنص المادة 3 على ” يحظر بأى وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية، ويحظر مصادرتها، أو وقفها، أو إغلاقها. ويجوز استثناء فرض رقابة محددة عليها فى زمن الحرب أو التعبئة العامة…) ورغم أن هذين النصين وردا في قوانين سابقة إلا أن المتابع للحالة المصرية يلاحظ غياب الحرية عن العمل الصحفي والإعلامي، وإغلاق العديد من الصحف والقنوات، وحجب مئات المواقع . وتنص المادة 4 ( يحظر على المؤسسة الصحفية والوسيلة الإعلامية والموقع الإلكتروني نشر أو بث أي مادة أو إعلان يتعارض محتواه مع أحكام الدستور، أوتدعو إلى مخالفة القانون ، أو تخالف الإلتزامات الواردة في ميثاق الشرف المهني ، أو تخالف النظام العام والآداب العامة، أو يحض على التمييز أو العنف أو العنصرية أو الكراهية أو التعصب، ورغم التحفظ كما سبق على بعض الكلمات الفضفاضة مثل النظام العام والآداب العامة، أو التعصب الذي لم يرد له تحديد، فإن الملاحظ أن الصحف والقنوات الرسمية والخاصة في مصر تخالف هذا النص وتحض على العنف والكراهية ضد فئات من المصريين بسبب آرائهم السياسية ومع ذلك لا يتم محاسبتها..

تنص المادة 6 على عدم جواز تأسيس مواقع إلكترونية فى جمهورية مصر العربية أو إدارتها أو إدارة مكاتب أو فروع لمواقع إلكترونية تعمل من خارج الجمهورية إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من المجلس الأعلى وفق الضوابط والشروط التى يضعها فى هذا الشأن، ومع عدم الإخلال بالعقوبات الجنائية المقررة ، للمجلس الأعلى فى حالة مخالفة أى مما تقدم اتخاذ الإجراءات اللازمة بما فيها إلغاء الترخيص أو وقف نشاط الموقع أو حجبه فى حالة عدم الحصول على ترخيص سارى) فكيف يتم إلغاء ترخيص هو غير موجود أصلا؟!!

 

تقنين الحجب والحبس

 

المادة 19 تمنح المجلس الأعلى حق وقف أو حجب المواقع والمدونات والحسابات الشخصية بسبب جرائم نشر، وهو نص يخالف بشكل صريح المادة 71 من الدستور التي تمنع مطلقا الوقف أو الإغلاق أو المصادرة، وللتذكير فقد اعتبر هذا النص الدستوري عند صدور دستور 2014 نصرا كبيرا للصحفيين الذين لم يتمكن ممثلوهم في الجمعية التاسيسية للدستور عام 2012 من وضع هذه الصيغة، وغكتفوا حينها بوضع صيغة عدم جواز الوقف أو الإغلاق او المصادرة إلا بحكم قضائي نهائي، ولكن رغم وجود هذا النص الدستوري الواضح في دستور 2014 إلا أن السلطات أغلقت العديد من الصحف وحجبت مئات المواقع الإلكترونية.

حظرت المدتان 25 و26 على الصحفي أو الإعلامي الحصول على هبات أو إعانات أو تبرعات بسبب ممارسته لعمله االمهني، كما حظرت عليه جلب الإعلانات، ولكن المادتين عالجتا عوارا في القوانين السابقة لم يحدد الجهة التي تؤول إليها حصيلة تلك المخالفات، وهو ما دفع جهاز الكسب غير المشروع لإعتبار تلك الأموال كسبا غير مشروع تحال حصيلته لخزانة الدولة، بينما نصت المادتان الجديدتان على أيلولة الحصيلة إلى صندوق المعاشات بالنقابة أو إلى المؤسسة التي يعمل بها المخالف.

أعادت المادة 29 الحبس مجددا في قضايا النشر بالمخالفة لنص المادة 71 من الدستور، وبالمخالفة لما وصلت إليه المنظومة التشريعية التي ألغت العقوبات السالبة في قضايا النشر، وكان آخر نصوصها الملغاة هو الحبس الإحتياطي في تهمة إهانة رئيس الجمهورية وهو الذي ألغاه الرئيس محمد مرسي في قضية الصحفي إسلام عفيفي رئيس تحرير جريدة الدستور الأسبق، بينما نصت المادة 29 على جواز الحبس في الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو التمييز بين المواطنين، أو الطعن في أعراض الأفراد، ومع التأكيد على خطورة هذه الجرائم وضرورة مواجهتها، إلا أنه كان من الممكن أن يتم ذلك عبر العقوبات المالية كبديل للحبس الذي منعه النص الدستوري.

تمنع المادة 31 تفتيش مكتب أو مسكن الصحفى أو الإعلامي بسبب جريمة من الجرائم التى تقع بواسطة الصحف أو وسائل الإعلام إلا في حضور أحد أعضاء النيابة العامة، ورغم أن النص تكرار لنصوص وردت في القانون 96 لسنة 1996 إلا أن التطبيق العملي يشهد بعكس ذلك تماما، كما حدث من إقتحام مكاتب موقع مصر العربية وجريدة البورصة وشبكة رصد ومنزل هشام جعفر الخ ، ويشي بأن هذه السياسة ستستمر رغم وجود النص. .

 

 (الإخطار) وتشديد إجراءات الترخيص

 

وضعت المادة (35) إشتراطات صعبة لإصدار الصحف والمواقع الإلكترونية، حيث تشترط إيداع فى أحد البنوك المرخص لها فى مصر مبلغ ستة ملايين جنيه إذا كانت الصحيفة يومية، ومليونى جنيه إذا كانت أسبوعية، ومليون جنيه إذا كانت شهرية أو إقليمية يومية ، وأربعمائة ألف جنيه إذا كانت إقليمية أسبوعية، ومائتى ألف جنيه إذا كانت إقليمية شهرية، وفى حالة الصحف الإلكترونية يكون رأسمالها مئة ألف جنيه ، على أن يودع نصف هذه المبالغ أحد البنوك المرخص لها في مصر قبل بدء إجراءات تأسيس الصحيفة ، ولمدة سنة ، للإنفاق على أعمالها ولسداد حقوق العاملين فيها في حال توقفها عن الصدور ، وفي هذه الحالة تكون الأولوية لسداد حقوق العاملين عن غيرها . ويشترط في الصحف التي تصدرها الأشخاص الطبيعية أن يودع مالكوها ، قبل إصدار الصحيفة ، أحد البنوك العاملة في مصر ذات المبالغ المنصوص عليها في الفقرة السابقة، ولذات أغراضها ، وذلك تبعا لدورية صدور الصحيفة ، ويستكمل إيداع المبلغ المطلوب الكامل قبل إصدار الصحيفة) ويضاف إلى هذه المبالغ نسبة 10% من قيمتها ( المادة 38) تودع لصالح صناديق البطالة، وتعتبر هذه التكاليف باهظة وتستهدف الحد من حرية إصدار الصحف، وهو ما يتكرر مع إنشاء القنوات حيث إشترطت المادة 54 دفع رأسمال قيمته 50 مليون جنيه للقناة العامة أو الإخبارية، و30 مليون للقناة المتخصصة، و15 مليون للإذاعة، ومليونين ونصف المليون للقناة الرقمية، ويضاف إلى هذه التكاليف وفقا للمادة 59  رسوم تدفع للمجلس الإعلى  قيمتها 250 ألف جنيه للوسلة الإعلامية، و50 ألف جنيه للموقع الإلكتروني، علما أن مدة الترخيص 5 سنوات فقط، وعند كل تجديد تدفع رسوم جديدة.

رغم أن الدستور نص صراحة في المادة 70 على حق إصدار الصحف بمجرد الإخطار إلا أن المادة 41 من القانون الجديد أفرغت هذا الحق من مضمونه، إذ  تضمنت بعض المطالب التي يتعين إستيفائها من مقدم الطلب، ثم يرد المجلس خلال 30 يوما، ثم يقوم مقدم الطلب باستيفاء المطالب الجديدة خلال 30 يوما وإلا أعتبر الإخطار لاغيا، ومن خلال الخبرة التاريخيية فإن المجلس الأعلى للإعلام سيكرر ما كان يفعله المجلس الأعلى للصحافة قبل ثورة 25 يناير 2011حين كان يطلب من راغبي الترخيص بعض المطالب ، وفي اليوم الأخير للمهلة يطلب مطالب جديدة وهكذا لتمر الشهور والسنوات دون إكتمال البيانات والإجراءات المطلوبة، والتي لا يجوز الصدور قبل إكتمالها، وكانت الأجهزة الأمنية هي التي تقف خلف هذه المماطلة، وهو أمر مرشح للتكرار مجددا عبر النص القانوني الجديد

تشترط المادة 43 فى كل صحيفة تطلب ممارسة النشاط الصحفى ألا تقل نسبة المحررين بها من المقيدين بنقابة الصحفيين عن 50 %من طاقة العمل الفعلية على أن تصل لـ70 %بعد مرور عامين على صدورها. وتلتزم كل صحيفة قائمة بإرسال كشف معتمد إلى نقابة الصحفيين يحتوى أرقاماً محددة بإجمالى طاقة العمل الفعلية، وبيانات المحررين النقابيين وأرقام عضوياتهم، وبيانات المتدربين حال تواجدهم ، والخطة الزمنية لتوفيق أوضاع من يثبت كفاءته، على ألا تزيد مدة إختبار الصحيفة لصلاحية المتدرب لممارسة المهنة على عامين.) ورغم الجانب الإيجابي المتعلق بتوفيق أوضاع المتدربين خلال عامين على الأكثر، إلا أن إلزام الصحيفة الجديدة بتوظيف 50-70% من أعضاء نقابة الصحفيين يعني إقرارا من المشرع بحق الصحفي في العمل في جهتين، إذ أن عضو النقابة هو معين في الأساس في صحيفة أخرى، ومن الواضح أن هذا النص استهدف علاج مشكلة أعضاء النقابة العاطلين بعد توقف صحفهم وغالبها صحف حزبية أو خاصة.

وأخيرا فقد تضمن قانون تنظيم الإعلام والمجلس الأعلى تعديلا في تشكيل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام باختصار عضويته إلى 9 أعضاء فقط بدلا من 14، يختارهم رئيس الجمهورية من بين عدد من المرشحين من بعض الجهات المختصة ما يعني ان السلطة التنفيذية هي صاحبة الفضل على هؤلاء المعينين بقرار منها، وهو ما يجعل ولائهم لمن عينهم، ويفقدهم الإستقلالية التي كفلها الدستور لهم، وهذا الحال ينطبق أيضا على تشكيل الهيئتين الوطنييتين للصحافة والإعلام في قانونيهما الجديد.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

إغلاق