رساله جديدة من الصحفي محمد سعيد مع دحول عامه الخامس في السجن

(كيف حالك يا صديقتي..كم كنت حائرا هذه المرة حتي تذكرت ما قاله غسان كنفاني إذ قال: قد لا يكون الموت بتوقف النبض فقط، فالأنتظار موت، والملل موت، واليأس موت،وظلمة المستقبل المجهول موت.. بعد أحاديث وعود الفرج قبيل العيد ، رأيت العشرات حولي يحلقون ويهذبون لحاهم وشعرهم، وشرعوا في ترتيب وتجهيز أغراضهم، وتوقف العشرات منهم عن تناول المهدئات والأدوية مسببة النعاس،كثيرون تحدثوا عن المستقبل، ومشاريع الغد المتوقفة على نداء “فلان الفلاني هات حاجتك وتعالى”، الأحلام كلها باتت رؤي، ولا مانع من أن تري في اليوم رؤية واثنين وثلاثة.. الخروج مسألة وقت لا أكثر، لقد مضت أيام اليأس..
عفوا ..ليست الصورة وردية يا صديقتي،الأيام تمر، وخبر واحد يكفي أن يحطم الآمال، وكلما مر يوم دون جديد أو خروج عاد هؤلاء إلي ما كانوا عليه.. مجددا إلي المهدئات ومضادات الاكتئاب والنوم عسي أن يستيقظوا على جديد مبشر ..حقا يا غسان “الانتظار موت”..
ليس وحده الإحباط والانتظار يأكلان أجساد هؤلاء المتعبين، الفقر أيضا يا صديقتي، الفقر يضرب وبشده، مئات قلصوا زيارات أهليهم أو منعوها تماما، فلم يعودوا قادرين على تحمل مصاريفها، وعشرات اضطروا للعمل في غسيل الملابس وبيعها، والحلاقة، وصنع الأطعمة والحلوي، وهدايا الزيارات..واحد من هؤلاء المعدمين، ترك له صديقه المخلي سبيله بطانية وكوفرتة على سبيل الهدية فباعها كي يغطي مصاريفه..
“فظلمة المستقبل المجهول موت يا غسان” .
ربما كان معنا أحمد خالد توفيق حين قال في” قصص لا تكتمل” :لا يوجد باب خروج يا بني.. ألم تفهم بعد أنك قصه لم تكتمل يكتبها مؤلف هو كتب القصه حتى هذه النهاية ولا أحد فينا يعرف ما سيحدث بعد ذلك.. المؤلف فقط يعرف كيف ينهي الموقف، وكيف يخرجك من هنا .. القصص الغير مكتملة هنا يا صديقتي منهكة تماماً وبعد وعود الفرج باتت أكثر تشوقا لاكتمال قصصها بلا سجن مذل أو تدوير قاتل .. ولكن الوقت يمر دون جديد . أخشى أن استيقظ يوماً واجد قصه غير مكتملة قد انتهت بالموت كمدا ، أو أخرى قد قررت أن تنهي مأساتها بيدها فكما قال غسان “اليأس موت ” ).
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق