صحفيون يستقبلون العيد خلف قضبان السجون

"العيد مش دايما فرحة"

نقلا عن مصر العربية

يستيقظ في الصباح الباكر، على غير عادته منهك التفكير بتفاصيل يومه يبدأ في حزم أمتعته وتجهيز معداته من “كاميرا- عدسات- حامل- بطاريات- كروت الذاكرة”، يتأكد من سلامتها  يستعد للنزول والإتجاه إلى عمله وفقا لما هو مكلف به.

خلال طريقه للعمل لا يشغل تفكيره سوى أمر واحد فقط وهو الصورة المميزة التي سيلتقطها، وكيف ستكون جودتها، وعما إذا كانت ستحوز إعجاب القراء والمشاهدين أم لا، تساؤلات يطرحها المصور الصحفي “محمود أبو زيد” الشهير بـ”شوكان” بينه وبين نفسه.

وبمجرد وصوله يصب اهتمامه على الحدث الذي يغطيه حرصا منه على التقاط صور مختلفة، كما اعتاد طوال ممارسته للمهنة إلى أن يصطدم بصورة تظل ثابتة في ذاكرته لن يستطيع أحد محوها، تاركه أثرها عليه طوال حياته.

“شوكان”

في 14 أغسطس 2013 ، كان “شوكان” ضمن الصحفيين القائمين على تغطية أحداث فض اعتصام ميدان رابعة العدوية الخاص بأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، بتكليف من وكالة ديموتكس للأنباء المصورة،  ليقع في قبضة قوات الأمن أثناء التغطية ويواجه بعدها مستقبلا مظلما لا يعلم أحد ملامحه حتى اليوم .

ثلاثة أعوام مرت على المصور الصحفي “شوكان” حبيسا داخل زنزانته، نسى خلالها فرحة العيد واستقباله وسط أسرته، اعتاد على قضائه مقيدا داخل جدران السجن، بين أصدقاء جدد اعتبرهم بمثابة أسرته الجديدة، تعرف عليهم خلال فترة حبسه.

وكانت آخر جلسات قضية “شوكان” والمعروفة إعلاميا بـ”فض رابعة” انعقدت، 6 سبتمبر الجاري، وتم تأجيلها إلى 8 أكتوبر المقبل لاستكمال فض الأحراز، بتهمة “التجمهر واستعراض القوة والقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والإتلاف العمدي للمتكلات وحيازة مواد في حكم المفرقعات وأسلحة نارية بغير ترخيص”.

“البطاوي”

لم يكن “شوكان” الوحيد الذي يقضي عيده محاطا بأسوار السجن، بل هناك العديد من الصحفيين لم يحظوا بفرحة العيد وأجوائه وسط أفراد أسرتهم، بينهم “محمد البطاوي” الصحفي بأخبار اليوم والذي أطفأ شمعة عامه الـ33 نهاية شهر أغسطس بعيدا عن زوجته وابنته ذات الـ3 أعوام .

451 يوما خلف القضبان لا يعلم فيها البطاوي مصيره، وكيف ستنتهي قضيته فمن تجديد لأخر يظل يواجه مصيرا مجهولا داخل زنزانته قيد الحبس بتهمة الانتماء لجماعة أسست على خلاف القانون، على أمل إحالته لمحاكمة، أو إخلاء سبيله.

47 صحفيا
“أكثر من 47 صحفيا مابين محبوس ومهدد بالحبس بينهم نقيب الصحفيين يحيى قلاش”، بحسب ما أعلنه خالد البلشي، مقرر لجنة الحريات بنقابة الصحفيين، مشيرا إلى أن هناك صحفيون يعانون من سوء الأوضاع داخل السجون وتدهور أوضاعهم الصحية بينهم “هشام جعفر، مجدي حسين، أحمد سبيع، حسن القباني، وغيرهم”.

تلك الأعداد أعلن عنها البلشي خلال المؤتمر المنعقد عن أوضاع الصحفيين المحبوسين، مشيرا إلى أن وضع الحريات أخذ في التراجع وهناك ضغوط تمارس على حرية الصحافة، حيث يوجد أكثر من 27 صحفيا محبوسا على خلفية ممارسة المهنة.

المصور الصحفي “عمر عادل”

وبالمقارنة بوضع “شوكان” والبطاوي” داخل محبسهما، الوضع يختلف عند المصور الصحفي “عمر عادل” والذي لم يمض على حبسه سوى أسابيع قليلة، حيث يقضي عيده لأول مره بعيدا عن أسرته داخل زنزانته بقسم المرج حيث لم يعتد على هذا الوضع من قبل.

وألقت قوات الأمن القبض على المصور الصحفي “عمر عادل” بموقع “زووم نيوز”، الجمعة 26 أغسطس الماضي، وظل مختفيا لمدة ثلاثة أيام وظهر بقسم المرج الإثنين 29 أغسطس، وعقب ظهوره  بيومين قرر رئيس نيابة المرج حبسه 4 أيام وعرضه على محكمة المرج الجزئية، والتي قررت تجديد حبسه 15 يوما على ذمة التحقيق، على  أن  تنعقد الجلسة المقبلة ستنعقد 17 سبتمبر من الشهر الجاري.

الدراوي

“سندس البطاوي” ليست الوحيدة التي حرمتها الظروف من قضاء العيد مع والدها، بل هناك أربعة أطفال افتقدوا السند والأب عقب  القاء أجهزة الأمن القبض على والدهم الصحفي إبراهيم  الدراوي في أغسطس 2013، والصادر بحقه حكم بالسجن المؤبد في يونيو 2014 بتهمة التخابر مع  حركة حماس الفلسطينية، في انتظار عودته لتعود البسمة مرة أخرى على وجوهم وليشعروا بفرحة العيد في وجوده.

المنسيون في العقرب

140 يوما إضراب عن الطعام ، هكذا سيقضي المصور الصحفي ” خالد سحلوب” العيد بسجن العقرب في القضية المعروفة إعلاميا بـ “خلية الماريوت” ، حيث دخل في إضراب عن الطعام منذ يوم 17 أبريل 2016، احتجاجا على ما يتعرض له من تعذيب مادي ومعنوي، ما أدى إلى تدهور حالته الصحية، بعد ان تم  إلقاء القبض عليه يوم 2 يناير 2014، وتضمنت الاتهامات الموجهة له نشر صور وأخبار كاذبة تكدر الأمن العام.

وقضت محكمة الجنايات بحبسه 3 سنوات في تلك القضية رقم 1145 لسنة 2014، وأثناء تنفيذه العقوبة اتهمته الداخلية في قضية أخرى جرت وقائعها خارج السجن بعد مرور ثمانية شهور على حبسه  والمعروفة إعلاميا بـ (كتائب حلوان) رقم 445 لسنة 2015، وهو ما دفعه للدخول في إضراب عن الطعام احتجاجا على المظالم التي يتعرض لها.

وناشدت أسرة الصحفي خالد سحلوب المنظمات الحقوقية والجهات المعنية بالتدخل لإنقاذه وإطلاق سراحه بعد تدهور صحته داخل سجن العقرب، عقب إضرابه عن الطعام مطالبين بنقله إلى مستشفى مجهزة طبيا على نفقاتها الخاصة .

وأوضحت الأسرة أنه يعاني :”قرحة في المعدة، والتهاب شديد في المريء، وقيء مستمر، وانخفاض في ضغط الدم”، مما عرضه للإغماء المستمر، إضافة إلى مشاكل صحية في مفصل الركبة، وآلام في عظامه وخلع في الكتف أصيب بهما نتيجة للتعذيب المستمر.

وأشارت إلى أن إدارة السجن اعتدت عليه عدة مرات عقب الإضراب وكان أخرها من قبل رئيس مباحث سجن العقرب إيهاب أبو سمرة لإجباره على فك إضرابه بالقوة، ثم القيام بتعليق المحاليل له بالإجبار بمشاركة الضابط أحمد أبو الوفا بحسب بيان الأسرة.

القباني

ومن بين الصحفيين القابعين داخل سجن العقرب،”حسن القباني” عضو نقابة الصحفيين، والذي القت قوات الأمن القبض عليه من منزله  بمدينة 6 أكتوبر، 22 يناير 2015، على ذمة القضية رقم 718 لسنة 2014 ، بتهمة الاشتراك فى جريمة تخابر لصالح دولة أجنبية، والإضرار بمركز مصر، والمعروفة بـ”التخابر مع النرويج “.

ووصفت أية علاء حسني زوجة الصحفي حسن القباني ، الوضع في سجن العقرب بـ”المميت” فا الأوضاع تزداد  سوءا وإدارة السجن تقوم بتصويرهم اثناء تغيير ملابسهم لإذلالهم ، لافته إلى أن هناك صحفيين آخرين بالعقرب بجانب حسن القباني وبينهم أحمد سبيع، وخالد سحلوب.

وتابعت في حديثها لـ”مصر العربية“،  أن القباني دخل إلى السجن بصحة جيدة ولكن الآن أصبح يعاني من الآلام في جسده، وأن وضع الزيارة تغير وأصبحت تزوره مره كل شهر وتتحدث معه من خلال تليفون بينهما حاجز زجاجي، مضيفة “بيحاولوا يفكوا أواصر الأسر ولكنهم فشلوا، وبالرغم من ذلك أصبحنا أكثر قوة”، واصفه المسجونين بالعقرب بـ”المنسيين”.

“زوجي في زنزانة أشبة بالمقبرة”، هكذا لخصت الدكتورة منار الطنطاوي وضع زوجها “هشام جعفر” مدير مؤسسة مدى للدراسات الإعلامية داخل سجن العقرب، وألقت قوات الأمن القبض عليه في أكتوبر 2015.

وفي 24 أغسطس الماضي، قررت الدائرة 8 جنايات جنوب القاهرة المنعقدة بالقاهرة الجديدة تجديد حبس الباحث هشام جعفر 45 يوما، في القضية رقم 720 لسنة 2015 حصر أمن الدولة.

وحضر جعفر جلسة تجديد حبسه واضعا قسطرة طبية، بعد نقله من مستشفي القصر العيني للسجن مرة أخري دون إجراء العملية الجراحية وإكمال علاجه.

عمر عبد المقصود وأشقائه

وبعيدا عن الأوضاع بسجن العقرب، غيّب السجن المصور الصحفي بموقع  مصر العربية ،عمر عبد المقصود ، هو وأشقائه الاثنين ،القابعين بسجن جمصة شديد الحراسة من العيش أجواء العيد مع عائلتهم، وألقت قوات الأمن القبض عليهم من منزلهم بميت غمر فجرا منذ ابريل 2014 وتتم الآن إعادة محاكمتهم بتهمة حرق سيارات الشرطة.

“مهنة خطر”

ورصدت لجنة الحريات في مؤتمرها بنقابة الصحفيين تحت عنوان “مهنة خطرة.. وصحفيون تحت مقصلة الحبس والاعتداءات”، 7 فبراير الماضي، ٧٨٢ انتهاكا بحق الصحفيين يوميا بشكل أو بآخر، من حبس احتياطي والذي بات عقوبة للصحفيين واقتحام منازل وتكسير معدات وكاميرات، وتعطيل طباعة بعض الصحف إلى جانب حظر النشر، بينهم 42 صحفيا محبوسين أو مهددين بالحبس.

ومن بين الصحفيين المحبوسين “محسن راضى” والذي ألقت قوات الأمن القبض عليه فى 6 سبتمبر 2013، فى قضية قطع طريق قليوب، ومجدى حسين رئيس تحرير جريدة الشعب، وتوجيه له تهم متعددة بينها الإنتماء لجماعة الإخوان المسلمين .

ومن موقع “كرموز”،  المصور الصحفي عبد الرحمن عبد السلام، والذي وقع بقبضة الداخلية فى 21 مارس 2015، أثناء تغطيته واقعة إحراق نقطة شرطة بالإسكندرية، واتهمته النيابة بحرق نقطة شرطة “فوزى معاذ” فى الهانوفيل، وحيازة متفجرات وقلب نظام الحكم.

وأحمد فؤاد، صحفى بنفس الموقع، والمقبوض عليه منذ 25 يناير 2014، فى القضية رقم 29446 لسنة 2014 جنايات منتزه، أثناء أداء عمله الصحفى بمنطقة سيدى بشر، ووُجِّهت إليه اتهامات الانتماء لجماعة تهدف لتعطيل العمل بأحكام القانون وقطع الطريق وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة وتكدير السلم العام.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

إغلاق