في اليوم العالمي لحرية الصحافة..تصاعد القمع يبقي مصر في المنطقة السوداء

3مايو / آيار 2019

تعيش الصحافة ووسائل الإعلام بمصر حالة غير مسبوقة من القمع الممنهج، ولم تشهد الأوساط الصحفية منذ اليوم العالمي للصحافة في 3 مايو\ آيار من العام الماضي وحتى الآن إلا مزيدا من القمع والإصرار على بناء نموذج الصوت الواحد وتغييب متعمد للصحافة الحرة في سياق تعديلات غير دستورية قننت -حتى حين – بقاء رأس النظام حتى عام 2030.

ويأتي اليوم العالمي للصحافة هذا العام شاهدا على تجريم واسع للصحافة والاعلام بمصر وسيطرة الأجهزة الأمنية على كافة المنابر والمنصات بداخل مصر و”شرعنة” مشبوهة لذلك القمع المتصاعد مع استمرار ابتلاع السجون لمزيد من الصحفيين والصحفيات وسياسيات حجب المواقع والمنع من السفر والتغطية والاختلاف.

ومنذ اليوم العالمي للصحافة في 3مايو\ آيار من العام 2018 حتى تاريخه، يقدر عدد الانتهاكات التي قام المرصد العربي لحرية الاعلام برصدها نحو ” 448 ” انتهاكا كان أكثرها في أبريل\ نيسان 2019 بسبب الاستفتاء على تعديل الدستور وبلغت 82 انتهاكا، وكانت تلك الانتهاكات كاشفة إلى حد كبير عن كونها مخططة وممنهجة وتلقى دعما من السلطات الحالية.

وكان فاضحا لهذا المنحنى من السقوط، سن العديد من التشريعات “لشرعنة القمع”  بما أجهض عمليا ضمانات استقلال الصحافة والاعلام في البلاد التي كفلها الدستور في العديد من مواده، وذلك من خلال سن 3 قوانين وتمرير 4 تعديلات لقوانين أخرى، ولحق بهم لائحة جزاءات جائرة أصدرها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ناهضت الدستور وقانون نقابة الصحفيين صاحبة الحق الأصيل في محاسبة أعضائها.

ولم يستطيع النظام الحالي العيش بدون استمرار حجب المواقع، ورغم أن العام الماضي اسدل ستاره على استمرار حجب 509 موقعا الكترونيا إلا أن إجراءات السلطات الحالية في الربع الأول من العام الجاري رفعت عدد المواقع المحجوبة في مصر لتصل إلى 517 موقعا وكان من أبرز المواقع الجديدة : الموقع الالكتروني لصحيفة المشهد، وموقع بوابة الشرق الإخبارية، ، وموقع “باطل” المعارض لتعديل الدستور.

ووصل الاستهداف إلى التهديد بالقتل كما حالة الاعلاميين معتز مطر ومحمد ناصر وأيمن نور، واستهداف المنازل بالحرق والتدمير كما في حالة الاعلاميين أسامة جاويش وحسام الشوربجي، والاعتداء بالضرب على صحفيين كان آخرهم المصور الصحفي عبد الرحمن جمال، وتجاوز الأمر إلى توقيف بعض أفراد أسر الإعلاميين كما في حالة الإعلامي معتز مطر ومحمد ناصر.

كما وصل عدد الصحفيين والصحفيات خلف الأسوار بالتزامن مع اليوم العالمي للصحافة 90 صحفيا وصحفية كان آخرهم الصحفية عبير الصفتي والصحفي يسري مصطفي، فيما وصل عدد الصحفيين رهن التدابير الاحترازية والمراقبة الشرطية في مصر إلى 22 صحفيا وصحفية في استمرار لتقييد الحرية بعد صدور قرارات بإخلاء السبيل.

وفي تعزيز لذلك المناخ القمعي، أصدرت السلطات قرارات بإدراج 37 صحفيا وإعلاميا ضمن قوائم جديدة للإرهاب، رغم أن جميع الإعلاميين المدرجين يقيمون خارج مصر منذ يوليو 2013، ومواقفهم معروفة برفض العنف والإرهاب جملة وتفصيلا.

وكان واضحا طوال الفترة الماضية الحرص على الزج بالقضاء العسكري في ملاحقة الصحفيين والإعلاميين، ومنع وإيقاف عدد من البرامج والحلقات والقنوات بأوامر من جهات عليا مع استمرار الفصل التعسفي وقيود النشر.

ولم تفرق السلطات بين قمع الصحفيين المصريين والأجانب، وجاءت واقعة احتجاز السلطات المصرية ديفيد كيركباتريك مراسل صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية في فبراير بعد وصوله مطار القاهرة وترحيله، ثم دعوة هيئة الاستعلامات المصرية التابعة لمؤسسة الرئاسة في مارس إلى مقاطعة “بي بي سي” لتسقط كل المزاعم الرسمية وتؤكد تصاعد حملة القمع شديدة ضد وسائل الإعلام والصحفيين في مصر.

وإزاء هذا التصاعد للقمع فلم يكن غريبا ان تستقر مصر في المنطقة السوداء لحرية الصحافة، بل لم يكن غريبا ان تتراجع مرتبتين هذا العام (163) في مؤشر حرية الصحافة العالمي الذي تصدره سنويا منظمة مراسلون بلا حدود

إن المرصد العربي لحرية الاعلام يطالب مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بفتح تحقيق مستقل بشأن الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون والاعلاميون بمصر،وزيارة الصحفيين والإعلاميين رهن الاعتقال التعسفي بالسجون المصرية، تفعيلا للمواثيق التي تعاهدت السلطات الحالية بالحفاظ عليها.

كما يطالب المرصد كل من يهمه الأمر بالعمل على وقف الانتهاكات الممنهجة ضد سجناء الرأي وفي القلب منهم الصحفيون مع إطلاق سراحهم فورا دون قيد أو شرط مؤكدا أن إعادة إنتاج عهد ما قبل ثورة 25 يناير يشكل تهديدا مباشرا للأمن القومي المصري يتطلب من الجميع تقديم مصر والمصريين على مخاوف قلة متورطة في جرائم لا تسقط بالتقادم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

إغلاق