بعد قرارات «الأعلى للإعلام»..ماذا يحتاج المشهد الإعلامي لضبط إيقاعه؟


قرارات عدة اتخذها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام برئاسة مكرم محمد أحمد، ما بين الإيقاف ولفت النظر لبعض البرامج التلفزيونية لارتكابهم جرائم أخلاقية وإعلامية ، على حد تعبيره.
وقرر المجلس اﻷسبوع الماضي، وقف برنامج “صحى النوم” لمدة شهر الذي يقدمه محمد الغيطي والمذاع على قناة LTC، وأيضا إرسال إنذار للقناة بسحب الترخيص بسبب ما تمّ بثه من مخالفات إعلامية حيث وجه المذيع في إحدى الحلقات اتهامات بالفساد دون سند قانوني وبشكل عشوائي وتعميمي لمسؤولين ووزراء سابقين.
وخاطب المجلس لنقابة الإعلاميين للتحقيق مع فريق عمل البرنامج لارتكابه جرائم مهنية وإعلامية.
واتخذ المجلس نفس القرارات بشأن برنامج ” انفراد” المذاع على قناة العاصمة والذي يقدّمه سعيد حساسين ، حيث قرر إيقافه لمدة شهر بسبب حلقة شهدت تبادل ضيوف السب والقذف والاتهامات بالعمالة والخيانة وتوجيه الإهانة للشعب السعودي والعراقي والإيراني والضرب بالأحذية، خالفت الحلقة مواد الدستور والقانون بالدعوة للتمييز والتحريض على العنف ضد أحد الضيوف.
وحول مخالفات برنامج ” دودي شو” المذاع على قناة النهار والحلقة الخاصة بـ” السينجل ماذر”، قرر المجلس إرسال خطاب للقناة لفت نظر للبرنامج لعدم تكرار الأخطاء، وأيضًا نفس الحال لبرنامج “ثلاثة في واحد” والذي تقدمه شيماء سيف لأنّه يحمل كلمات غير مقبولة .
وقرر المجلس إيقاف برنامج “صبايا الخير” والمذاع على قناة النهار الذي تقدمه الإعلامية ريهام سعيد لمدة شهر، مع توجيه إنذار للقناة بعدم تكرار الجرائم الإعلامية، وتوجيه خطاب لنقابة الإعلاميين للتحقيق مع فريق العمل

جهد مشكور

ومن جهتها، قال الدكتورة ليلى عبد المجيد أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة إن المجلس مشكور على هذه القرارات، متمنية ضبط المشهد الإعلامي على خلفية هذه القرارات.
وأضافت لـ”مصر العربية”، أن المجلس شهد أحداث عديدة على الساحة الإعلامية قبل أن يبدأ في ترتيب أوراقه، خاصة وأنه تم تشكيله منذ 3 شهور فقط تقريبا، بالإضافة لعدم وجود وزارة إعلام خلال اﻷربعة سنوات الماضية.
وكان رئيس الوزراء الأسبق الفريق أحمد شفيق قد ألغى وزارة الإعلام لتعود مرة أخرى في حكومة عصام شرف، واستمرت الوزارة في عملها إلى أن ألغيت في حكومة إبراهيم محلب.
وفي الوقت الذي قرر فيه محلب إلغاء الوزارة، نص دستور 2014 على تنظيم أوضاع الإعلام من خلال المجلس الأعلى للإعلام وهيئتي الصحافة والإعلام.
وتابعت: “أتمنى أن يلتزم الجميع بهذه القرارات خاصة وأنه خلال الفترة اﻷخيرة بنشوف حاجات غريبة، خارجة عن المجتمع بتاعنا وعاداتوتقاليد المجتمع”.
ونوهت إلى أن البرامج التي صدرت بحقها قرارات الفترة اﻷخيرة لازالت تظهر على الشاشة حتى اﻵن ولم تنفذ قرارا المجلس، معلقة: “لا أعلم الملابسات حتى اﻵن ولكن هل المجلس منتظر أن تقدم التماس؟”.
ورأت أن مثل هذه القرارات ستعمل على ضبط المشهد الإعلامي إذا التزم بها الجميع، وسترى باقي القنوات أنهم أمام مهنة يجب احترامها .
وطالبت عبد المجيد من المحلس اﻷعلى لتنظيم الإعلام بسرعة تشكيل لجنة قانونية تضع لائحة خاصة بالمجلس والعقوبات المفترض إقرارها على المخالفين وضمان تنفيذها.

قرارات نقابة الإعلاميين
وفي الوقت الذي أصدر فيه المجلس هذه القرارات، اتخذت نقابة الإعلاميين برئاسة حمدي الكنيسي ايضا قرارات بشأن مقدمي هذه البرامج.
وقررت نقابة الإعلاميين وقف كلا من ( ريهام سعيد، ودعاء صلاح) لمدة 3 شهور، فيما قررت إرسال إنذار لسعيد حساسين ومحمد الغيطي.
ورأت النقابة أن من حق المذيعتين تقديم تظلم خلال مدة أقصاها 15 يوما .

وعن اختلاف العقوبات بين المجلس والنقابة، علقت أستاذة الإعلام قائلة: “العقوبات ترجع لتقدير كل مجلس ووفقا للوائحهم وقوانينهم ، وغذا كانت العقوبة أكثر على المذيع فمن حق القاناة استبداله بآخر”.
ولفتت إلى أن المجلس له اختصاصته ويجب التركيز عليه بينها إعادة توفيق اﻷوضاع الموجودة والـتأكد من ترخيص كل صحيفة خاصة أو قناة، ومتابعة وسائل الإعلام وإصدار عقوبات وفقا للائحة قانونية يصدرها المجلس.

وضع خطة عمل

وفي السياق ذاته، قال الدكتور صفوت العالم أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة إن المجلس يجب أن يضع برنامج عمل أو إطار عام للعمل عليه.
وأضاف لـ”مصر العربية”، أن هذا الإطار يضم تصور للاخطاء التي سيعاقب عليها، وتحديد نوعية العقوبات الخاصة بكل حالة وتدرج العقوبات، بالإضافة إلى أنه في حالة وجود عقوبات مالية تدفع مباشرة.
وشدد على ضرورة توزيع هذه الخطة على جميع القنوات ومجالس إدارتها للالتزام بها، وحتى لاتعطي هذه القنوات مبررا في حالة مخالفتها لهذا الإطار.
وطالب العالم بضرورة تشكيل أمانة فنية ترصد أداء البرامج وتصدر العقوبات بشكل سريع، لافتا إلى أن المجلس يستغرق وقتا طويلا في الرصد وإصدار القرارات.
وفيما يخص القرارات اﻷخيرة التي أصدرها المجلس، علق العالم: “لايوجد حسم وانضباط في أداء المجلس خاصة وأن العقوبات ليست واحدة ولعدم وجود إطار عمل، والذي يعطي فرصة للقيل والقال”.
واختلف العالم في رأيه مع الدكتورة ليلى عبد المجيد، ورأى أنه يجب التنسيق بين نقابة الإعلاميين والمجلس اﻷعلى لتنظيم الإعلام في إصدار المخالفات والعقوبات وحتى لاتكون مدة أكثر من اﻷخرى.

ونوه العالم إلى أن المجلس يجب عليه وضع شروط للبرامج خلال الفترة المقبلة، وتحديدا في فترة الانتخابات الرئاسية لتضع إطار للقنوات حول كيفية إدارة اللقاءات بين المرشحين، وليكون هناك أداء عادل لجميع المرشحين بجميع القنوات حتى لايأخذ مرشح فرصته على حساب آخر.

قرارات عشوائية
وفي سياق آخر، قال الدكتور حسن عماد مكاوي عميد كلية الإعلام اﻷسبق جامعة القاهرة إن القرارات التي اتخذها المجلس ودية وعشوائية.
وأوضح لـ”مصر العربية”، أن المجلس حتى اﻵن لم يصدر لائحة داخلية توضح طبيعة عمله، مشيرا إلى أنه من المفترض عقب إقرار قانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام يجب على المجلس إقرار لائحة داخلية لترجمة نصوص القانون.
وأشار إلى أن اللائحة الداخلية للمجلس ينبغي أن تضم كل ماورد في قانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام بالتفصيل، وبدون هذه اللائحة لايمكن للمجلس أن يتخذ أية قرارات.
ولفت إلى أن عدم وجود لائحة داخليه للمجلس توضح الإطار الذي يعمل عليه، تعطي فرصة للقنوات لعدم الالتزام بقرارات المجلس.
وفي منتصف أبريل الماضي، قرر الرئيس عبد الفتاح السيسي تشكيل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام برئاسة مكرم محمد أحمد، وفقا لقانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام رقم ٩٢ لسنة ٢٠١٦.
ويعد المجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام هيئة مستقلة يتمتع بالشخصية الاعتبارية ومقره الرئيسي محافظة القاهرة ويتولى تنظيم شؤون الإعلام المسموع والمرئي والرقمي والصحافة المطبوعة والرقمية وغيرها، ويتمتع بالاستقلال الفني والمالي والإداري في ممارسة اختصاصاته ولا يجوز التدخل في شؤونه، وفقا للقانون.

وعن قرارات نقابة الإعلاميين اﻷخيرة، قال مكاوي إن مجلس النقابة الحالي ليس دوره إصدار عقوبات باعتباره مجلس تأسيسي مؤقت، ودوره الحقيقي هو تسجيل أعضائه بالنقابة لانتخاب مجلس حقيقي قادر على اتخاذ القرارات والعقوبات.
وصدق الرئيس عبد الفتاح السيسي، في مطلع يناير الماضي، على القانون رقم 93 لسنة 2016 الخاص بإنشاء نقابة الإعلاميين، بعد موافقة مجلس النواب عليه نهائيا.
و بموجب القانون، يصر رئيس الوزراء قرارا بتشكيل لجنة مؤقتة من 11 إعلاميا من ذوي الخبرة العاملين في المجال الإعلامي العام والخاص، تتولى إجراءات تأسيس النقابة، بما في ذلك فتح باب القيد والتحقق من توافر شروط العضوية المنصوص عليها في القانون.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

إغلاق